للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فجعلوا لهم قطيع شاء فجعل يقرأ بأم القرآن ويجمع بزاقه ويتفل فبرأ الرجل فأتوهم بالشاء فقالوا: لا نأخذها حتى نسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فضحك وقال: "ما أدراك أنها رقية خذوها واضربوا لي فيها بسهم١" ولأن الحاجة تدعو إلى ذلك من رد ضالة وآبق وعمل لا يقدر عليه فجاز الإجارة والمضاربة.

فصل: ويجوز أن يعقد لعامل معين للآية ولأنه قد يكون له عمل ولا يعرف من يعمله فجاز من غير تعيين وروى المزني في المختصر عن الشافعي رحمه الله في المنثور أنه قال: إذا قال أول من يحج عني فله مائة فحج عنه رجل أنه يستحق المائة وقال المزني ينبغي أن يستحق أجرة المثل لأنه إجارة فلم تصح من غير تعيين وهذا خطأ لأن ذلك جعالة وقد بينا أن الجعالة لا تجوز من غير تعيين العامل.

فصل: وتجوز على عمل مجهول للآية ولأن الحاجة تدعو إلى ذلك فجاز مع الجهالة كالمضاربة ولا تجوز إلا بعوض معلوم لأنه عقد معاوضة فلا تجوز بعوض مجهول كالنكاح فإن شرط له جعلاً مجهولاً استحق أجرة المثل لأن كل عقد وجب المسمى في صحيحه وجب المثل في فاسده كالبيع والنكاح.

فصل: ولا يستحق العامل الجعل إلا بإذن صاحب المال فأما إذا عمل له عملاً من غير إذنه بأن وجد له آبقاً فجاء به أو ضالة فردها إليه لم يستحق الجعل لأنه بذل منفعته من غير عوض فلم يستحق العوض فإن عمل بإذنه ولم يشرط له الجعل فعلى الأوجه الأربعة التي ذكرناها في الإجارة فإن أذن له وشرط له الجعل فعمل استحق الجعل لأنه استهلك منفعته بعوض فاستحق العوض كالأجير فإن نادى فقال: من رد عبدي فله دينار فرده من لم يسمع النداء لم يستحق الجعل لأنه متطوع بالرد من غير بدل فإن أبق عبد لرجل فنادى غيره أن من رد عبد فلان فله دينار فرده رجل وجب الدينار على المنادي لأنه ضمن العوض فلزمه فإن قال في النداء قال فلان من رد عبدي فله دينار فرده رجل لم يلزم المنادي لأنه لم يضمن وإنما حكى قول غيره.

فصل: ولا يستحق العامل الجعل إلا بالفراغ من العمل فإن شرط له جعلاً على رد الآبق فرده إلى باب الدار ففر منه أو مات قبل أن يسلمه لم يستحق شيئاً من الجعل لأن المقصود هو الرد والجعل في مقابلته ولم يوجد منه شيء وإن قال من رد عبدي الآبق من البصرة فله دينار وهو ببغداد فرده رجل من واسط استحق نصف الدينار لأنه رده من


١ رواه البخاري في كتاب فضائل القرآن باب ٩.مسلم في كتاب السلام حديث ٦٥،٦٦. أبو داود في كتاب البيوع باب ٣٧. الترمذي في كتاب الطب باب ٢٠. أحمد في مسنده "٣/٢، ١٠".

<<  <  ج: ص:  >  >>