نصف الطريق وإن رده من أبعد من البصرة لم يستحق أكثر من الدينار لأنه لو لم يضمن له لما زاد شيئاً وإن أبق له عبدان فقال: من ردهما فله دينار فرد رجل أحدهما استحق نصف الجعل لأنه عمل نصف العمل وإن قال من رد عبدي فله دينار فاشترك في رده اثنان اشتركا في الدينار لأنهما اشتركا في العمل فاشتركا في الجعل وإن قال لرجل إن رددت عبدي فلك دينار وقال الآخر إن رددته فلك ديناران فاشتركا في الرد استحق كل واحد منهما نصف ما جعل له وإن جعل لأحدهما ديناراً وللآخر ثوباً مجهولاً فرداه استحق صاحب الدينار نصف دينار وصاحب الثوب نصف أجرة المثل لأن الدينار جعل صحيح فاستحق نصفه والثوب جعل باطل فاستحق نصف أجرة المثل وإن قال لرجل إن رددت عبدي فلك دينار فشاركه غيره في رده فإن قال شاركته معاونة له كان الدينار للعامل لأن العمل كله له فكان الجعل كله له وإن قال شاركته لأشاركه في الجعل كان للعامل نصف الجعل لأنه عمل نصف العمل ولا شيء للشريك لأنه لم يشرط له شيئاً.
فصل: ويجوز لكل واحد منهما فسخ العقد لأنه عقد على عمل مجهول بعوض فجاز لكل واحد منهما فسخه كالمضاربة فإن فسخ العامل لم يستحق شيئاً لأن الجعل يستحق بالفراغ من العمل وقد تركه فسقط حقه وإن فسخ رب المال فإن كان قبل العمل لم يلزمه شيء لأنه فسخ قبل أن يستهلك منفعة العمل فلم يلزمه شيء كما لو فسخ المضاربة قبل العمل وإن كان بعد ما شرع في العمل لزمه أجرة المثل لما عمل لأنه استهلك منفعته بشرط العوض فلزمه أجرته كما لو فسخ المضاربة بعد الشروع في العمل.
فصل: وتجوز الزيادة والنقصان في الجعل قبل العمل فإن قال من رد عبدي فله دينار ثم قال من رده فله عشرة فرده رجل استحق عشرة وإن قال من رد عبدي فله عشرة ثم قال من رده فله دينار استحق الدينار لأنه مال بذل في مقابلة عمل في عقد جائز فجاز الزيادة والنقصان فيه قبل العمل كالربح في المضاربة.
فصل: وإن اختلف العامل ورب المال فقال العامل شرطت لي الجعل وأنكر رب المال فالقول قول رب المال لأن الأصل عدم الشرط وعدم الضمان وإن اختلفا في عين العبد فقال السيد شرطت الجعل في رد غيره وقال العامل بل شرطت الجعل في رده فالقول قول المالك لأن العامل يدعي عليه شرط الجعل في عقد الأصل عدمه فكان القول فيه قوله وإن اختلفا في قدر الجعل تحالفا كما قلنا في البيع فإذا تحالفا رجع إلى أجرة المثل كما رجع في البيع بعد هلاك السلعة إلى قيمة العين وإن اختلف العامل والعبد فقال العامل أنا رددته وقال العبد جئت بنفسي وصدقه المولى فالقول قول المولى مع يمينه لأن الأصل عدم الرد وعدم وجوب الجعل وبالله التوفيق.