ومسيل الماء لا يجوز إحياؤه لأنه تابع للعامر فلا يملك بالإحياء ولأنا لو جوزنا إحياءها أبطلنا الملك في العامر على أهله وكذلك ما بين العامر من الرحاب والشوارع ومقاعد الأسواق لا يجوز تملكه بالإحياء لأن الشرع قد ورد بإحياء الموات وهذا من جملة العامر لنا لو جوزنا ذلك ضيقنا على الناس في أملاكهم وطرقهم وهذا لا يجوز.
فصل: ويجوز إحياء كل من يملك المال لأنه فعل يملك به فجاز من كل من يملك المال كالاصطياد ولا يجوز للكافر أن يملك بالإحياء في دار الإسلام ولا للإمام أن يؤذن له في ذلك لما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "موتان الأرض لله ولرسوله ثم هي لكم مني" فجمع الموتان وجعلها للمسلمين فانتفى أن يكون لغيرهم ولأن موات الدار من حقوق الدار والدار للمسلمين فكان الموات لهم كمرافق المملوك لا يجوز لغير المالك إحياؤه ولا يجوز للمسلم أن يحيي الموات في بلد صولح الكفار على المقام فيه لأن الموات تابع للبلد فإن لم يجز تملك البلد عليهم لم يجز تملك مواته.
فصل: والإحياء الذي يملك به أن يعمر الأرض لما يريده ويرجع في ذلك إلى العرف لأن النبي صلى الله عليه وسلم أطلق الإحياء ولم يبين فحمل على المتعارف فإن كان يريده للسكنى فأن يبني سور الدار من اللبن والآجر والطين والجص إن كانت عادتهم ذلك أو القصب أو الخشب إن كانت عادتهم ذلك ويسقف وينصب عليه الباب لأنه لا يصلح للسكنى بما دون ذلك فإن أراد مراحاً للغنم أو حظيرة للشوك والحطب بنى الحائط ونصب عليه الباب لأنه لا يصير مراحاً وحظيرة بما دون ذلك وإن أراد للزراعة فأن يعمل لها مسناة ويسوق الماء إليها من نهر أو بئر فإن كانت الأرض من البطائح فأن يحبس