عنها الماء لأن إحياء البطائح أن يحبس عناه الماء كما أن إحياء اليابس بسوق الماء إليه ويحرثها وهو أن يصلح ترابها وهل يشترط غير ذلك؟ فيه ثلاثة أوجه: أحدها أنه لا يشترط غير ذلك وهو المنصوص في الأم وهو قول أبي إسحاق لأن الإحياء قد تم وما بقي إلا الزراعة ذلك انتفاع بالمحيا فلم يشترط كسكنى الدار والثاني وهو ظاهر وما نقله المزني أنه لا يملك إلا بالزراعة لأنها من تمام العمارة ويخالف السكنى فإنه ليس من تمام العمارة وإنما هو كالحصاد في الزرع والثالث وهو قول أبي العباس أنه لايتم إلا بالزراعة والسقي لأن العمارة لا تكمل إلا بذلك وإن أراد حفر بئر فإحياؤها أن يحفر إلى أن يصل إلى الماء لأنه لا يحصل البئر إلا بذلك فإن كانت الأرض صلبة تم الإحياء وإن كانت رخوة لم يتم الإحياء حتى تطوق البئر لأنها لا تكمل إلا به.
فصل: وإذا أحيا الأرض ملك الأرض وما فيها من المعادن كالبلور والفيروزج والحديد والرصاص لأنها من أجزاء الأرض فملك بملكها وبملك ما يتبع فيها من الماء والقار وغير ذلك وقال أبو إسحاق لا يملك الماء وما ينبع فيها وقد بينا ذلك في البيوع ويملك ما ينبت فيها من الشجر والكلأ وقال أبو القاسم الصيمري لا يملك الكلأ لما روي أن أبيض بن حمال سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن حمى الأراك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا حمى في الأراك١" ولأنه لو فرخ في الأرض طائر لم يملك فكذلك إذا نبت فيه الكلأ وقال أكثر أصحابنا يملك لأنه نماء الملك فملكه بملكه كشعر الغنم.
فصل: ويملك بالإحياء ما يحتاج إليه من المرافق كفناء الدار والطريق ومسيل الماء وحريم البئر وهو بقدر ما يقف فيه المستقي إن كانت البئر للشرب وقدر ما يمر فيه الثور إن كانت للسقي وحريم النهر وهو ملقى الطين وما يخرج منه من التقن ويرجع في ذلك إلى أهل العرف في الموضع والدليل عليه ماروى عبد الله بن مغفل أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من احتفر بئراً فله أربعون ذراعاً حولها عطن لماشيته" وروى ابن شهاب