عن سعيد بن المسيب قال: من السنة أن حريم القليب العادية خمسون ذراعاً وحريم البدئ خمسة وعشرون ذراعاً وحريم بئر الزرع ثلاثمائة ذراع فإن أحيا أرضاً إلى جنب غيره فجعل أحدهما داره مدبغة أو مقصرة لم يكن للآخر معه من ذلك لنه تصرف مباح في ملكه فلم يمنع منه وإن ألصق حائطه بحائطه منع من ذلك وإن طرح في أصل حائط سرجيناً منع منه لنه تصرف باشر ملك الغير بما يضر به فمنع منه فإن حفر حشاً في أصل حائطه لم يمنع منه لأنه تصرف في ملكه ومن أصحابنا من قال: يمنع لأنه يضر بالحاجز الذي بينهما في الأرض وإن ملك بئراً بالإحياء فجاء رجل وتباعد عن حريمه وحفر بئراً فنقص ماء الأول لم يمنع منه لأنه تصرف في موات لا حق لغيره فيه.
فصل: وإن تحجر رجل مواتاً وهو أن يشرع في إحيائه ولم يتمم صار أحق به من غيره قوله صلى الله عليه وسلم: "من سبق إلى ما لم يسبق إليه فهو أحق به" وإن نقله إلى غيره صار الثاني أحق به لأنه آثره صاحب الحق به وإن مات انتقل ذلك إلى وارثه لأنه حق تملك ثبت له فانتقل إلى وارثه كالشفعة وإن باعه ففيه وجهان: أحدهما وهو قول أبي إسحاق أنه يصح لأنه صار به فملك بيعه والثاني أنه لا يصح وهو المذهب لأنه لم يملكه بعد فلم يملك بيعه كالشفيع قبل الأخذ وإن بادر غيره إلى إحيائه نظرت فإن كان ذلك قبل أن تطول المدة ففيه وجهان: أحدهما لا يملك لأن يد المتحجر أسبق والثاني يملك لأن الإحياء يملك به والتحجر لا يملك به فقدم ما يملك به على ما لا يملك به وإن طالت المدة ولم يتمم قال له السلطان: إما أن تعمر وإما أن ترفع يدك لأنه ضيق على الناس في حق مشترك بينهم فلم يمكن منه كما لو وقف في طريق ضيق أو مشرعة ماء ومنع غيره وإن سأل أن يمهل أمهل مدة قريبة فإن انقضت المدة ولم يحي فبادر غيره فأحيا ملك لأنه لا حق له بعد انقضاء المدة.
فصل: ومن سبق في الموات إلى معدن ظاهر وهو الذي يوصل إلى ما فيه من غير مؤنة كالماء والنفط والمومياء والياقوت والبرام والملح والكحل كان أحق به لقوله صلى الله عليه وسلم: "من سبق إلى ما لم يسبق إليه فهو أحق به" فإن أطال المقام ففيه وجهان: أحدهما لا يمنع