الوصف فإن كانت باقية ردت على صاحب البينة وإن كانت تالفة فله أن يضمن الملتقط لأنه دفع ماله بغير حق وله أن يضمن الآخذ لأنه أخذ ماله بغير حق فإن ضمن الآخذ لم يرجع على الملتقط لأنه إن كان مستحقاً عليه فقد دفع ما وجب عليه فلم يرجع وإن كان مظلوماً لم يجز أن يرجع على غير من ظلمه فلا يرجع على من لم يظلمه وإن لم يقر له ولكنه قال يغلب على ظني أنها لك فله الرجوع لأنه بان بأنه لم يكن له وقد تلف في يده فاستقر الضمان عليه.
فصل: وإن وجد ضالة لم يخل إما أن تكون في برية أو بلد فإن كانت في برية نظرت فإن كانت مما يمتنع على صغار السباع بقوته كالإبل والبقر والخيل والبغال والحمير أو ببعد أثره لسرعته كالظباء والأرانب أو بجناحه كالحمام والدراج لم يجز التقاطه للتملك لما روى زيد بن خالد الجهني قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ضالة الإبل فغضب واحمرت عيناه وقال: "ما لك ولها معها الحذاء والسقاء تأكل من الشجر وترد الماء حتى يأتي ربها" وسئل عن ضالة الغنم فقال: "خذها هي لك أو لأخيك أو للذئب١" وهل يجوز أخذها للحفظ؟ ينظر فيه فإن كان الواجد هو السلطان جاز لأن للسلطان ولاية في حفظ أموال المسلمين ولهذا روي أنه كان لعمر حظيرة يضع فيها الضوال فإن كان له حمى تركها في الحمى وأشهد عليها ويسمها بسمة الضوال للتميز عن غيرها من الأموال وإن لم يكن له حمى فإن كان يطمع في مجيء صاحبها بأن يعرف أنها من نعم قوم يعرفهم حفظها اليومين والثلاثة وإن لم يعرف أو عرف ولم يجئ صاحبها باعها وحفظ ثمنها لأنه إذا تركها احتاجت إلى نفقة وفي ذلك إضرار وإن كان الواجد لها من الرعية ففيه وجهان: أحدهما يجوز لأنه يأخذها للحفظ على صاحبها فجاز كالسلطان والثاني لا يجوز لأنه لا ولاية له على صاحبها بخلاف السلطان فإن أخذها للتملك أو للحفظ وقلنا إنه لا يجوز ضمنها لأنه تعدى بأخذها فضمنها كالغاصب وإن دفعها إلى السلطان ففيه وجهان: أحدهما لا يبرأ من الضمان لأنه لا ولاية للسلطان على رشيد والثاني يبرأ وهو
١ رواه البخاري في كتاب اللقطة باب ١١. مسلم في كتاب اللقطة حديث ٥، ٦. ابن ماجة في كتاب اللقطة باب ١. الترمذي في كتاب الأحكام باب ٣٥.