المذهب لأن للسلطان ولاية على الغائب في حفظ ما يخاف عليه من ماله ولهذا لو وجدها السلطان جاز له أخذها للحفظ على مالكها فإذا أخذها غيره وسلمها إليه بريء من الضمان وإن كان مما لا يمتنع من صغار السباع كالغنم وصغار الإبل والبقر أخذها لحديث زيد بن خالد الجهني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في ضالة الغنم:"خذها هي لك أو لأخيك أو للذئب١" ولأنه إذا تركها أخذها غيره أو أكلها الذئب فكان أخذها أحوط لصاحبها وإذا أخذها فهو بالخيار بين أن يمسكها ويتطوع بالإنفاق عليها ويعرفها حولاً ثم يملكها وبين أن يبيعها ويحفظ ثمنها ويعرفها ثم بمالك الثمن وبين أن يأكلها ويغرم بدلها ويعرفها لأنه إذا لم يفعل ذلك احتاج إلى نفقة دائمة وفي ذلك إضرار بصاحبها والإمساك أولى من البيع والأكل لأنه يحفظ العين على صاحبها ويجري فيها على سنة الإلتقاط في التعريف والتملك والبيع أولى من الأكل لأنه إذا أكل استباحها قبل الحول وإذا باع لم يملك الثمن إلا بعد الحول فكان البيع أشبه بأحكام اللقطة فإن أراد البيع ولم يقدر على الحاكم باعها بنفسه لأنه موضع ضرورة وإن قدر على الحاكم ففيه وجهان: أحدهما لا يبيع إلا بإذنه لأن الحاكم له ولاية ولا ولاية للملتقط والثاني يبيع من غير إذنه لأنه قد قام مقام المال فقام مقامه في البيع وإن أكل فهل له أن يعزل البدل مدة التعريف؟ فيه وجهان: أحدهما لا يلزمه لأن كل حالة جاز أن يستبيح أكل اللقطة يلزمه عزل البدل كما بعد الحول ولأنه إذا لم يعزل كان البدل قرضاً في ذمته وإذا عزله كان أمانة والقرض أحوط من الأمانة والثاني يلزمه عزل البدل لأنه أشبه بأحكام اللقطة فإن من حكم اللقطة أن تكون أمانة قبل الحول وقرضاً بعد الحول فيصير البدل كاللقطة إن شاء حفظها له وإن شاء عرفها ثم تملك وإن أفلس الملتقط كان صاحبها أحق بها من سائر الغرماء وإن وجد ذلك في بلد فقد روى المزني أن الصغار والكبار في البلد لقطة فمن أصحابنا من قال المذهب ما رواه المزني لأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما رفق بين الصغار والكبار في البرية لأن الكبار لا يخاف عليها لأنها ترد الماء وترعى الشجر وتتحفظ بنفسها والصغار يخاف عليها لأنها لا ترد الماء والشجر فتهلك وأما في البلد فالكبار كالصغار في الخوف عليها فكان الجميع لقطة ومن أصحابنا من قال فيه قول آخر إن البلد كالبرية فالصغار فيه لقطة والكبار ليست بلقطة لعموم الخبر فإن قلنا إن البلد كالبرية فالحكم فيه على ما ذكرناه إلا في الأكل فله أن يأكل الصغار في البرية وليس له أكلها في البلد لأن في البرية إذا لم يأكل الصغار هلكت لأنه لا يمكن بيعها وفي البلد يمكن بيعها فلم يجز