فصل: ويملك الموقوف عليه غلة الوقف فإن كان الموقوف شجرة ملك ثمرتها وتجب عليه زكاتها لأنه يملكها ملكاً تاماً فوجب زكاتها عليه فإن كان حيواناً ملك صوفه ولبنه لأن ذلك من غلة الوقف وفوائده فهو كالثمرة وهل يملك ماتلده فيه وجهان: أحدهما يملكه لأنه نماء الوقف فأشبه الثمرة وكسب العبد والثاني أنه موقوف كالأم لأن كل حكم ثبت فيه للأم يتبعه فيه الولد كحرمة الاستيلاد في أم الولد وإن كان جارية ملك مهرها لأنه بدل منفعتها ولا يملك وطأها لأنها في أحد القولين لا يملكها وفي الثاني يملكها ملكاً ضعيفاً فلم يملك به الوطأ فإن وطئها لم يلزمه الحد لأنه في أحد القولين يملكها وفي الثاني له شبهة ملك وفي تزويجها وجهان: أحدهما لا يجوز لأنه ينقص قيمتها وربما تلفت من الولاد فيدخل الضرر على من بعده من أهل الوقف والثاني يجوز لأنه عقد على منفعتها فأشبه الإجارة فإن قلنا إنها للموقوف عليه كان تزويجها إليه وإن قلنا إنها تنتقل إلى الله تعالى كان تزويجها إلى الحاكم كالحرة التي لا ولي لها ولا يزوجها الحاكم إلا بإذن الموقوف عليه لأن له حقاً في منفعتها فلم يملك التصرف فيها بغير إذنه فإن أتت بولد مملوك كان الحكم فيه كالحكم فيما تلد البهيمة.
فصل: وإن أتلفه الواقف أو أجنبي فقد اختلف أصحابنا فيه على طريقين: فمنهم من قال يبني على القولين فإن قلنا إنه للموقوف عليه وجبت القيمة له لأنه بدل ملكه وإن قلنا إنه لله تعالى اشترى به مثله ليكون وقفاً لله تعالى وقال الشيخ أبو حامد الإسفرايني: يشتري بها مثله ليكون وقفاً مكانه قولاً واحداً لأنا وإن قلنا إنه ينتقل إلى الموقوف عليه إلا أنه لا يملك الإنتفاع برقبته وإنما يملك الإنتفاع بمنفعته ولأن في ذلك إبطال حق البطن الثاني من الوقف وإن أتلفه الموقوف عليه فإن قلنا إنه إذا أتلفه غيره كانت القيمة له لم تجب عليه لأنها تجب له وإن قلنا يشتري بها ما يكون وقفاً مكانه أخذت القيمة منه واشترى بها ما يكون مكانه وإن كان الوقف جارية فوطئها رجل بشبهة فأتت منه بولد ففي قيمة الولد ما ذكرناه من الطريقين في قيمة الوقف إذا أتلف وإن كان الوقف عبداً فجنى جناية توجب المال لم يتعلق برقبته لأنها ليست بمحل للبيع فإن قلنا إنه للموقوف عليه وجب الضمان عليه وإن قلنا إنه لله تعالى ففيه ثلاثة أوجه: أحدها يلزم الواقف وهو قول أبي إسحاق وهو الصحيح لأنه منع من بيعه ولم يبلغ به حالة يتعلق الأرش بذمته فلزمه أن يفيده كأم الولد والثاني أنه يجب في بيت المال لأنه لا يمكن إيجابه على الواقف لنه لا يملكه ولا على الموقوف عليه لأنه لا يملكه فلم يبق إلا بيت المال.