فصل: فإن وهب لغير الولد وولد الولد شيئاً وأقبضه لم يملك الرجوع فيه لما روى ابن عمر وابن عباس رضي الله عنهما رفعاه إلى النبي صلى الله عليه وسلم لا يحل للرجل أن يعطي العطية فيرجع فيها إلا الوالد فيما أعطى ولده وإن وهب للولد أو ولد الولد وإن سفل جاز له أن يرجع للخبر ولأن الأب لا يتهم في رجوعه لأنه لا يرجع إلا لضرورة أو لإصلاح الولد وإن تصدق عليه فالمنصوص أن له أن يرجع كالهبة ومن أصحابنا من قال لا يرجع لأن القصد بالصدقة طلب الثواب وإصلاح حاله مع الله عز وجل فلا يجوز أن يتغير رأيه في ذلك والقصد من الهبة إصلاح حال الولد وربما يكون الصلاح في استرجاعه فجاز له الرجوع وإن تداعى رجلان نسب مولود ووهبا له مالاً لم يجز لواحد منهما أن يرجع لأنه لم يثبت بنوته فإن لحق بأحدهما ففيه وجهان: أحدهما أنه يجوز لأنه ثبت أنه ولده والثاني لا يجوز لأنه لم يثبت له الرجوع في حال العقد وإن وهب لولده ووهب الولد لولده ففيه وجهان: أحدهما يجوز لأنه في ملك من يجوز له الرجوع في هبته والثاني لا يجوز لأنه رجوع على غير من وهب له فلم يجز وإن وهب لولده شيئاً فأفلس الولد وحجر عليه ففيه وجهان: أحدهما يرجع لأن حقه سابق لحقوق الغرماء والثاني لا يرجع لأنه تعلق به حق الغرماء فلم يجز له الرجوع كما لو رهنه.
فصل: وإن زاد الموهوب في ملك الولد أو زال الملك فيه ثم عاد إليه فالحكم فيه كالحكم في المبيع إذا زاد في يد المشتري أو زال الملك فيه ثم عاد إليه ثم أفلس في رجوع البائع وقد بيناه في التفليس.
فصل: فإن وهب شيئاً من دونه لم يلزمه أن يثيبه بعوض لأن القصد من هبته الصلة فلم تجب المكافأة فيه بعوض كالصدقة وإن وهب لمن هو مثله لم يلزمه أيضاً أن يثيبه لأن القصد من هبته اكتساب المحبة وتأكيد الصداقة وإن وهب لمن هو أعلى منه ففيه قولان: قال في القديم: لم يلزمه أن يثيبه عليه بعوض لأن العرف في هبة الأدنى للأعلى أن يلتمس به العوض فيصير ذلك كالمشروط وقال في الجديد: لا يجب لأنه تمليك بغير عوض فلا يوجب المكافأة بعوض كهبة النظير للنظير فإن قلنا لا يجب فشرط فيه ثواباً معلوماً ففيه قولان: أحدهما يصح لأنه تمليك مال بمال فجاز كالبيع فعلى هذا يكون كبيع بلفظ الهبة في الربا والخيار وجميع أحكامه والثاني أنه باطل لأنه عقد لا يقتضي العوض فبطل شرط العوض كالرهن فعلى هذا حكمه حكم البيع الفاسد في جميع أحكامه وإن شرط فيه ثواباً مجهولاً بطل قولاً واحداً لأنه شرط العوض ولأنه شرط