عوضاً مجهولاً وإن قلنا أنه يجب العوض ففي قدره ثلاثة أقوال: أحدها أنه يلزمه أن يعطيه إلى أن يرضى لما روى ابن عباس رضي الله عنه أن أعرابياً وهب للنبي صلى الله عليه وسلم هبة فأثابه عليها وقال "أرضيت؟ " قال لا فزاده وقال: أرضيت فقال: نعم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لقد هممت أن لا أتهب إلا من قرشي أو أنصاري أو ثقفي" والثاني يلزمه قدر قيمته لأنه عقد يوجب العوض فإذا لم يكن مسمى وجب عوض المثل كالنكاح والثالث يلزمه ما جرت العادة في ثواب مثله لأن العوض وجب بالعرف فوجب مقداره في العرف فإن قلنا إنه يجب العوض فلم يعطه ثبت له الرجوع فإن تلفت العين رجع بقيمتها لأن كل عين ثبت له الرجوع بها إذا تلفت وجب الرجوع إلى بدلها كالمبيع ومن أصحابنا من قال: لايجب لأن حق الواهب في العين وإن نقصت العين رجع فيها وهل يرجع بأرش ما نقص؟ فيه وجهان كالوجهين في رد القيمة إذا تلفت وإن شرط عوضاً مجهولاً لم تبطل لأنه شرط ما يقتضيه العقد لأن العقد على هذا القول يقتضي عوضاً مجهولاً وإن لم يدفع إليه العوض وتلف الموهوب ضمن العوض بلا خلاف وإن شرط عوضاً معلوماً ففيه قولان: أحدهما أن العقد يبطل لأن العقد يقتضي عوضاً غير مقدر فبطل بالتقدير والثاني يصح لأنه إذا صح بعوض مجهول فلأن يصح بعوض معلوم أولى.
فصل: وإن اختلف الواهب والموهوب له فقال الواهب وهبتك ببدل وقال الموهوب له وهبتني على غير بدل ففيه وجهان: أحدهما أن القول قول الواهب لأنه لم يقر لخروج الشيء من ملكه إلا على بدل والثاني أن القول قول الموهوب له لأن الواهب أقر له بالهبة وادعى بدلاً الأصل عدمه.