العتق لا محالة فأوجب التقويم كما لو استولد جارية بينه وبين غيره والثاني وهو المنصوص أنه لا يقوم عليه لأن التقويم إنما يجب بالإتلاف كالعتق أو بسبب يوجب الإتلاف كالإستيراد والتدبير ليس بإتلاف ولا سبب يوجب الإتلاف لأنه يمكن نقضه بالتصرف فلم يوجب التقويم فإن كان له عبد فدبر بعضه فالمنصوص أنه لا يسري إلى الباقي ومن أصحابنا من قال فيه قول آخر أنه يسري فيصير الجميع مدبراً ووجههما ما ذكرناه في المسألة قبلها فإن كان عبد بين اثنين فدبراه بأن قال كل واحد منهما إذا مت فأنت حر جاز كما لو أعتقاه فإن أعتق أحدهما نصيبه بعد التدبير وهو موسر فهل يقوم عليه نصيب شريكه ليعتق؟ فيه قولان منصوصان أحدهما لا يقوم عليه لأن لنصيب شريكه جهة يعتق بها فاستغنى عن التقويم ولأنا إذا قومناه على المعتق أبطلنا على شريكه ما ثبت له من العتق والولاء بحكم التدبير والثاني يقوم عليه ليصير الكل حراً لأن المدبر كالقن في الملك والتصرف فكان كالقن في التقويم والسراية فإن كان بين نفسين عبد فقالا إذا متنا فأنت حر لم يعتق حصة واحد منهما إلا بموته وموت شريكه فإن ماتا معاً عتق عليهما بوجود الصفة فإن مات أحدهما قبل الآخر انتقل نصيب الميت إلى وارثه ووقف عتقه على موت الآخر فإذا مات الآخر عتق فإن قالا أنت حبيس على آخرنا موتاً فالحكم فيها كالحكم في المسألة قبلها إلا في فصل واحد وهو أن في المسألة الأولى إذا مات أحدهما انتقل نصيب الميت إلى وارثه إلى أن يموت الآخر وفي هذه إذا مات أحدهما كان منفعة نصيبه موصى بها للآخر إلى أن يموت لقوله أنت حبيس على آخرنا موتاً فإذا مات الآخر عتق.
فصل: ويملك المولى بيع المدبر لما روى جابر رضي الله عنه أن رجلاً أعتق غلاماً له عن دبر منه ولم يكن له مال غيره فأمر به النبي صلى الله عليه وسلم فبيع بسبعمائة أو بتسعمائة ويملك هبته ووقفه وكتابته قياساً على البيع ويملك أكسابه ومنافعه وأرش ما يجني عليه لأنه لما كان كالعبد القن في التصرف في الرقبة كان كالقن فيما ذكرناه وإن جنى خطأ تعلق الأرش برقبته وهو بالخيار بين أن يسلمه للبيع وبين أن يفديه كما يفدي العبد القن لأنه كالقن في جواز بيعه فكان كالقن في جواز التسليم للبيع والفداء وإن مات السيد قبل أن يفديه فإن قلنا لا يجوز عتق الجاني لم يعتق وللوارث الخيار بين التسليم للبيع وبين الفداء كالسيد في حياته وإن قلنا يجوز عتق الجاني عتق من الثلث ووجب أرش الجناية من التركة لأنه عتق بسبب من جهته فتعلق الأرش بتركته ولا يجب إلا أقل الأمرين من قيمته أو أرش الجناية لأنه لا يمكن تسليمه للبيع بعد العتق.