فصل: وإن كان المدبر جارية فأتت بولد من النكاح أو الزنا فهل يتبعها في التدبير؟ فيه قولان: أحدهما يتبعها لأنها تستحق الحرية فتبعها الولد كأم الولد فعلى هذا إن ماتت الأم في حياة المولى لم يبطل التدبير في الولد والثاني لا يتبعها لأنه عقد يلحقه الفسخ فلم يسر إلى الولد كالرهن والوصية وإن دبرها وهي حامل تبعها الولد قولاً واحداً كما يتبعها في العتق وإن دبر عبداً ثم ملكه جارية فأتت منه بولد لحقه نسبه لأنه يملكها في أحد القولين وله فيها شبهة في القول الثاني لاختلاف الناس في ملكه فإن قلنا لا يملك الجارية فالولد مملوك للمولى لأنه ولد أمته وإن قلنا يملكها فالولد ابن المدبر ومملوكه لأنه من أمته وهل يكون مدبراً فيه وجهان: أحدهما أنه ليس بمدبر لأن الولد إنما يتبع الأم دون الأب والأم غير مدبرة والثاني أنه مدبر لأنها علقت به في ملكه فكان كالأب كولد الحر من أمته.
فصل: ويجوز الرجوع في التدبير بما يزيل الملك كالبيع والهبة المقبوضة لما رويناه من حديث جابر رضي الله عنه وهل يجوز بلفظ الفسخ كقوله فسخت ونقضت ورجعت؟ فيه قولان: أحدهما أنه يجري مجرى الوصية فيجوز له فسخه بلفظ الفسخ وهو اختيار المزني لأنه تصرف يتنجز بالموت يعتبر من الثلث فهو كالوصية والثاني أنه يجري مجرى العتق بالصفة فلا يجوز فسخه بلفظ الفسخ وهو الصحيح لأنه عتق علقه على صفة فهو كالعتق بالصفات وإن وهبه ولم يقبضه فقد اختلف أصحابنا فمنهم من قال إن قلنا إنه كالوصية فهو رجوع وإن قلنا إنه كالعتق بالصفة فليس برجوع لأنه لم يزل الملك ومنهم من قال هو رجوع على القولين لأنه تصرف يفضي إلى زوال الملك وإن كاتبه فإن قلنا إن التدبير كالوصية كان رجوعاً كما لو أوصى بعبد ثم كاتبه وإن قلنا إنه كالعتق بالصفة لم يكن رجوعاً بل يصير مدبراً مكاتباً وحكمه ما ذكرناه فيمن دبر مكاتباً وإن دبره ثم قال إن أديت إلى وارثي ألفاً فأنت حر فإن قلنا إنه كالوصية كان ذلك رجوعاً في التدبير لأنه عدل عن العتق بالموت إلى العتق بأداء المال فبطل التدبير ويتعلق العتق بالأداء وإن قلنا إنه كالعتق بالصفة وخرج من الثلث عتق بالتدبير وسقط حكم الأداء بعده لأنه علق عتقه بصفة متقدمة ثم علقه بصفة متأخرة فعتق بأسبقهما وأسبقهما الموت فعتق به وإن دبر جارية ثم أولدها بطل التدبير لأن العتق بالتدبير والاستيلاد في وقت واحد والاستيلاد أقوى فأسقط التدبير.