فصل: ويجوز الرجوع في تدبير البعض كما يجوز التدبير في الابتداء في البعض وإن دبر جارية فأتت بولد من نكاح أو زنا وقلنا إنه يتبعها في التدبير ورجع في تدبير الأم لم يتبعها الولد في الرجوع وإن تبعها في التدبير كما أن ولد أم الولد يتبعها في حق الحرية ثم لا يتبعها في بطلان حقها من الحرية بموتها وإن دبرها الصبي وقلنا إنه يصح تدبيره فإن قلنا يجوز الرجوع بلفظ الفسخ جاز رجوعه لأنه لا حجر عليه في التدبير فجاز رجوعه فيه كالبالغ وإن قلنا لا يجوز الرجوع إلا بتصرف يزيل الملك لم يصح الرجوع في تدبيره إلا بتصرف يزيل الملك من جهة الولي.
فصل: وإن دبر عبده ثم ارتد فقد قال أبو إسحاق: لا يبطل التدبير فإن مات عتق العبد لأنه تصرف نفذ قبل الرد فلم تؤثر الردة فيه كما لو باع ماله ثم ارتد ومن أصحابنا من قال: يبطل التدبير لأن المدبر إنما يعتق إذا حصل للورثة شيء مثلاه وهاهنا لم يحصل للورثة شيء فلم يعتق ومنهم من قال: يبنى على الأقوال في ملكه فإن قلنا يزول ملكه بالردة بطل لأنه زال ملكه فيه فأشبه إذا باعه وإن قلنا لا يزول لم يبطل كما لو لم يدبر وإن قلنا موقوف فالتدبير موقوف وما قال أبو إسحاق غير صحيح لأنه ارتد والمدبر على ملكه فزال بالردة بخلاف ما لو باعه قبل الردة وقال الآخر: لا يصح لأن ماله بالموت صار للمسلمين وقد حصل لهم مثلاه.
فصل: وإن دبر الكافر عبداً كافراً ثم أسلم العبد ولم يرجع السيد في التدبير ففيه قولان: أحدهما يباع عليه وهو اختيار المزني لأنه يجوز بيعه فبيع عليه كالعبد القن والثاني لا يباع عليه وهو الصحيح لأنه لا حظ للعبد في بيعه لأنه يبطل به حقه من الحرية فعلى هذا هو بالخيار بين أن يسلمه إلى مسلم وينفق عليه إلى أن يرجع في التدبير فيباع عليه أو يموت فيعتق عليه وبين أن يخارجه على شيء لأنه لا سبيل إلى قراره في يده فلم يجز إلا ما ذكرناه فإن مات السيد وخرج من الثلث عتق وإن لم يخرج عتق منه بقدر الثلث وبيع الباقي على الورثة لأنه صار قناً.
فصل: وإن اختلف السيد والعبد فادعى العبد أنه دبره وأنكر السيد فإن قلنا إن التدبير كالعتق بالصفة صح الاختلاف لأنه لا يمكن الرجوع فيه والقول قول السيد لأن الأصل أنه لم يدبر وإن قلنا إنه كالوصية ففيه وجهان: أحدهما أن القول قول السيد لأن جحوده رجوع وهو يملك الرجوع والثاني أنه ليس برجوع وهو المذهب لأنه قال في