للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أبي حنفية والمتكلمون: ونصر الجويني القول بالوقف فيما زاد على المرة الواحدة وقال لست أنفيه ولا أثبته مع كوني أبطل قول الوقف في مسألة الوجوب والندب ويحقق ذلك عندي أنه يرجع إلى قول من قال: لا يقتضى التكرار.

قال القاضي في كتاب اختلاف الروايتين والوجهين مسألة الأمر إذا ورد مطلقا من غير تقييد بوقت هل يقتضى التكرار أم لا قال شيخنا أبو عبد الله: يقتضى التكرار كما لو ورد مقيدا بوقت وقد نص أحمد في رواية صالح في إيجاب طاعة الرسول على الأمر المقيد بوقت أنه يقتضى التكرار فقال: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا} فالظاهر يدل على أنه إذا قام إلى الصلاة فعليه ما وصف فلما كان يوم الفتح صلى النبي صلى الله عليه وسلم بوضوء واحد قال: وعندي أنه لا يقتضى التكرار وقد قال في رواية صالح ويعقوب بن بختان: إذا أذن له سيده بتزوج قال: واحدة وإن أراد أن يتزوج الأخرى استأذنه وقال أيضا إذا خير زوجته لم يجز لها أن تطلق نفسها إلا طلقة واحدة وسلم أن قوله: [كل] أمر بالأكل مرتين.

قلت المذهب في قوله: "طلقي نفسك" مع الإطلاق هل تملك به الثلاث وهي مكتوبة في موضعها لكن طلقي وتزوجي واختاري كل هذا ليس بأمر وإنما هو إذن وإباحة فإن كانت صيغة أفعل إذا أريد بها الإباحة كقوله: {كُلُوا وَاشْرَبُوا} تختلف في إفادتها التكرار كما في ما أريد بها الأمر فما هو ببعيد ومسألة طلقي نفسك كأن قد كثر منها في١ العدة والتزم "طلقي نفسك بألف" وقوله لوكيله طلق فلانة فقال والجواب أن مهنا نقل عن أحمد إذا قال: طلقي نفسك فقالت طلقت نفسي ثلاثا هي ثلاث فظاهر هذا أنه اعتبر عموم اللفظ ثم ضرب على هذا واعتذر بأن هذا ثبت بالشرع والخلاف في موجب اللغة وأما ما ذكروه من نص أحمد في المعلق بشرط فيحتمل أن يكون التكرار حصل من صيغة إذا فإن أصحابنا وإن فرقوا بينها وبين


١ في هذه العبارة قلق لا يظهر لنا وجه استقامتها.

<<  <   >  >>