للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من وجهين من جهة أن فعلهم حجة كقولهم ومن جهة اقرار رسول الله صلى الله عليه وسلم فالأول كقول أبي سعيد١ كنا نعزل والقرآن والقرآن ينزل فلو كان شيئا ينهى عنه لنهانا عنه القرآن فهذا لا يحتاج إلى أن يبلغ النبي صلى الله عليه وسلم لكن هذا المأخذ قد ذكره أبو سعيد١ ولم أر الأصوليين تعرضوا٢ له وأما الثاثي فيحتاج إلى بلوغ النبي صلى الله عليه وسلم وفيه الاقوال الثلاثة أحدها قول أبي الخطاب وأبى محمد أنه حجة مطلقا لأن ذكره ذلك في معرض الحجة يدل على أنه أراد ما علمه النبي صلى الله عليه وسلم فسكت عنه ليكون دليلا والثاني ليس بحجة كالوجه الذي ذكره القاضي وهو قول الحنفية وأما إذا كانت العادة تقتضي أنه بلغه فذاك دليل على البلاغ وأصل هذا أن الأصل قول الله تعالى وفعله وتركه القول وتركه الفعل وقول رسول الله صل الله عليه وسلم وفعله وتركه القول وتركه العمل وإن كانت قد جرت عادة عامة الأصوليين أنهم لا يذكرون من جهة الله إلا قوله الذي هو كتابه ومن جهة رسول الله صلى الله عليه وسلم قد يقولون بما يقول أصحابنا قوله وفعله وإقراره وقد يقولون وامساكه وهذا أجود فإن إقراره ترك النهى فانه يدل على العفو عن التحريم وأما الإمساك فانه يعم ترك الأمر أيضا الذي يفيد العفو عن الإيجاب كترك الأمر بصدقة خضروات المدينة فإن ترك الأمر مع الحاجة إلى البيان يدل عل عدم الإيجاب كترك النهى وأما ترك الفعل فانه يدل على عدم الاستحباب وعدم الإيجاب كثيرا فإن ترك الفعل مع قيام المقتضى له يدل على عدم كونه مشروعا كترك النهى مع الحاجة إلى البيان وأما فعل الله كعذابه للمنذرين٣ فانه دليل على تحريم ما فعلوه وجوب ما أمروا به وكمااستدل أصحابنا وغيرهم من السلف بفعل الله تعالى ورجم قوم لوط على رجمهم٤ وأما ترك القول فكما يستدل بعدم


١ في "كقوله جابر".
٢ في ا "ولم أر للأصوليين تعرضا له".
٣ في ا "فلعذابه المنذرين" وفي د "فكعذابه".
٤ أطبقت النسخ كلها على هذا وربما كان أصله "بفعل الله تعالى رجم قوم لوط على جرمهم".

<<  <   >  >>