استحقاق للفقراء أو غيرهم ممن يطلب بدفعه إليهم الثواب من الله أو الحمد من الناس والثناء الجميل فإن هذا وما أشبهه يجرى مجرى الآلام التي تطلب بها المنافع من الفصد والحجامة وشرب الأدوية وقد يرد السمع بحظر ما لم يكن له في العقل منزلة في القبح نحو الأكل والشرب والتصرف الذي لا ضرر على فاعله في فعله في ظاهر أمره فالواجب أن تجرى أحكام الأفعال على منازلها في العقل فأما أن تكون قبيحا في العقل فيمتنع منه أو يكون واجبا في العقل فيلزم أمره ويجب فعله أو أن يكون حسنا ليس بواجب فيكون الإنسان مخيرا بين أن يفعله وبين أن لا يفعله من نحو اكتساب المنافع بالتجارات وما في معناها فإن ورد السمع فيما الإنسان فيه مخير كشف السمع عن حاله وبين أمره فإما أن يدخله في جملة الحسن الذي يجب فعله أو في جملة القبيح الذي لا يجوز فعله.
قال القاضي وهذا كلام أبى الحسن يقتضى أن العقل يوجب ويقبح قال وقد ذكرنا في الجزء الأول من المعتمد خلاف هذا وحكينا [خلاف المعتزلة في] ١ هذه المسألة وبينا قول أحمد في رواية عبدوس ليس في السنة قياس ولا تضرب لها الأمثال ولا تدرك بالعقول إنما هو الاتباع واستدل بدليلين.
قال القاضي وقال أبو الحسن والحظر والإباحة والحلال والحرام والحسن والقبح والطاعة والمعصية وما يجب وما لا يجب كل ذلك راجع إلى أفعال الفاعلين دون المفعول فيه فالأعيان والأجسام لا تكون محظورة ولا مباحة ولا تكون طاعة ولا معصية.
قال القاضي وهذا كما قال أبو الحسن وقد يطلق ذلك في المفعول توسعا واستعارة فيقال العصير حلال مباح ما لم يفسد فإن فسد وصار خمرا كان حراما ومحظورا والمذكي حلال ومباح والميتة محظورة وهى حرام يريدون