ألم المحل. يمينا لقد أنست صباحتها محاسن أدباء بغداد، وأزرت فصاحتها بخطباء إياد. فمن سطور تحاكها الشذّور، وتغصّ بمرآها البدور، ومن طرف أغراض تذهب بعلل القلوب المراض، ويقصر عن طيب شذاها أنفاس [٤٩/ب] الرّياض. ومن معان تطلق من ربقة الجهل كلّ عان.
فنزّهت فيها الناظر والخاطر، ونافحت بها الرّوض الماطر، والمسك العاطر. وناديت بأعلى صوتي: بمثل هذه الخريدة، الفذّة الفريدة؛ يكاثر من يكاثر؛ ويفاخر من يفاخر. ثم إني أقبلت أناجيها بالضّمير، وأقول في مراجعتها بلسان التّقصير:
يا تحفة القلم الذي زان الزّمن ... من ذا يقوم بشكر من أهداك من؟
إن خطّ مهرقه فقد سحر النّهى ... وأراك فيه وشي صنعاء اليمن
وكلامه نظما ونثرا لؤلؤ ... لكنه يربي على غالي الثّمن
أبدى وأظهر من صفاة كماله ... ما كان لي في القلب منه قد كمن
لا زال يبلغ في الزّمان مراده ... ويبيت من طرق الليّالي في أمن
وعذرا يا سيّدي في الاختصار والاقتصار من الكلام على هذا المقدار. فلا خفاء عليكم بما لديّ من القصور في المنظوم والمنثور. على أني لو كنت أشعر من حبيب، وأخطب من شبيب، وأحكم من أكثم، أو عمرو بن الأهتم؛ وأطرف وأطبع من الملقب في عدوان بذي الإصبع، وأصبحت