للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يد الأمير أحمد بن أبي بكر بن أحمد بن أبي بكر بن أبي سعيد الزّناتي-وكان عاملا (١) لأمير المؤمنين الناصر لدين الله، القائم بأمر الله عبد الرحمن بن محمد الأموي المرواني الخليفة الأندلسي-على مدينة فاس، وكان من أهل الفضل والدين، وذلك في شهر ربيع الأول من خمس وأربعين وثلاث مئة؛ جعل في أعلى الصومعة قبّة صغرى، ووضع في ذروتها تفافيح مموّهة بالذهب في زجّ من حديد. وركب في الزج سيف أمير المؤمنين إدريس بن أمير المؤمنين إدريس بن عبد الله بن حسن بن أمير المؤمنين الحسن بن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب-كرم الله وجوههم-الذي أسس المدينة.

وسبب جعله هنالك أن الأمير أحمد بن أبي بكر لما فرغ من بناء الصومعة اختصم إليه بعض حفدة أمير المؤمنين إدريس في السيف، وطلب كل واحد أن يمتاز به ويحوزه لنفسه، وطال النزاع فيه. فقال لهم الأمير أحمد: هل لكم أن تسلموه لي وتتركوا النزاع فيه؟ فقالوا له: ما تصنع به؟ قال لهم:

أجعله في أعلى هذه الصومعة تبركا به، وليكون لكم ذكر بسببه. فقالوا له:

قد وهبناه لك طيّبة به نفوسنا؛ فجعله في ذروتها.

ولنرجع الآن لسرد أقوالهم المنظومة فيه. فكان أول من فتح فيه باب القول للشعراء شاعر هذا الأوان، وحائز خصل السبق بهذا الميدان صاحبنا

الفقيه الكاتب أبو العباس أحمد بن يحيى بن عبد المنان الخزرجي


(١) ثار أحمد بن أبي بكر الزناتي ضد حامد بن حمدان الهمذاني، وأرسل في طاعة عبد الرحمن الناصر خليفة قرطبة (٣٠٠ - ٣٥٠) وأشهر خلفاء بني أمية في الأندلس. وزاد هذا الوالي في جامع القرويين بفاس بمساعدة قرطبة. ونصب منبر أموي رائع في المسجد أيام هشام المؤيد وبسعي من الحاجب المنصور بن أبي عامر. (راجع في ذلك روض القرطاس ٣٤ وتأسيس فاس ٥٧ والعبر ٤:١٤٠ - وكتاب جامع القرويين للدكتور عبد الهادي التازي ج ١:٥٦ - ٦١).

<<  <   >  >>