للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في الوقيعة التي كانت للنصارى-دمرهم الله-بطريف على المسلمين في سنة إحدى وأربعين وسبع مئة، بعد أن أبلى بلاء حسنا.

وأبو عبد الله محمد هذا كتب بالأندلس في حضرة ابن عم أبينا أمير المسلمين أبو الحجاج (١) يوسف وله فيه أمداح عجيبة، ولم يزل كاتبا في الحضرة الأحمرية النصرية إلى أن امتحنة أمير المسلمين أبو الحجاج ابن عم أبينا، فقوض الرّحال عن الأندلس واستقر بالعدوة، فكتب بالحضرة المرينية لأمير المؤمنين المتوكل على الله أبي عنان إلى أن توفي بها؛ رحمه الله تعالى.

[حاله-رحمه الله-]

طلع في سماء العلوم بدرا مشرقا، وسارت براعته غربا ومشرقا. وسمى بشعره فوق الفرقدين كما أربى بنثره على الشّعرى والبطين، له باع مديد في التاريخ والحساب، واللغة والنحو والبيان والآداب. بصير بالأصول والفروع والحديث، عارف بالماضي من الشعر والحديث. إن نظم أنساك أبا ذؤيب برقته، ونصيب (٢) بمنصبه ونخوته. وإن كتب أربى على ابن مقلة بخطه، وإن أنشأ رسالة أنساك العماد بحسن مساقها وضبطه. وهو رب هذا الشأن، وفارس هذا الميدان. ومع تفننه في العلوم فهو في الشعر قد نبغ، وما بلغ أحد من شعراء عصره البحر الذي منه قد بلغ بل سلموا التقدم فيه إليه، وألقوا زمام الاعتراف بذلك في يديه، ودخلوا تحت راية الأدب الذي حمل، إذ ظهر ساطع [٧٩/ب] براعته ظهور الشمس بالحمل.

أنشدني لنفسه: يمدح أمير المسلمين أبا الحجاج يوسف بن أمير المسلمين أبي الوليد إسماعيل عم أبينا بن جدنا الرئيس الأمير أبي سعيد فرج ابن جدنا أبي الوليد إسماعيل


(١) فيهما: أبو الحجاج.
(٢) فيهما: نصيب.

<<  <   >  >>