إذا بان العجاج بيوم حرب ... فما يدرى الوراء ولا الأمام
هدتهم نحو قصدهم وجوه ... لها من رائق البشر ابتسام
كتائب لا يفلّ لها اعتزام ... وليس يعيب مقدمها انهزام
٣٥ إذا ركبوا متون الخيل قالت ... عداتهم: على العمر السّلام!
رأوا أنّ العلا سيف وسيب ... فما لهم بغيرهما اهتمام
يعدّون السيوف فنون زهر ... ومن أغمادهنّ لها كمام!
فما غير الدّماء لهم مدام ... ولا غير الرّماح لهم مرام
[٥٨/ب]
وليس نجومهم إلا العوالي ... وليس سماؤهم إلا القتام
٤٠ وآكد ما عليهم بذل نعمى ... ومنهم تعرف النّعم الجسام
وما افتتحوا بغير النّصل أمرا ... ولا بسواه عندهم اختتام
فما لجميل شكرهم انتهاء ... ولا لجزيل جودهم انصرام
بنوا في المجد ما لم يبن قدما ... فما لمشيد مجدهم انهدام
يعوّض منهم ماض بآت ... له بحياة مجدهم اهتمام
٤٥ أقام لهم أبو الحجّاج ذكرا ... كأنّهم من الأجداث قاموا
تأمّل كل مكرمة لديه ... ففيه لنا نظام والتئام
فتى فضل الملوك بكل وجه ... ووافق خلقه خلق كرام
فبين الخلق والأخلاق منه ... جمال الرّوض باكره الغمام
تراه-مع الشباب-أعفّ شخص ... على كشحيه قد عقد الحزام