المآثر الخلاصة والبسيط. وسبل الخيرات لها برعايتك تيسير، ومحاسن الشريعة لها بتحصيلك تحبير. وأنت حجة العلماء الذي تقصّر عن تقصي مآثره فطن الأذكياء، إن انبهم [٨٢/ب] التفسير ففي يديك ملاك التأويل، أو اعتاص تفريع الفقه فعندك فصل البيان له والتحصيل. وإن تشعب التاريخ فلديك استيعابه، أو تطاول الأدب ففي إيجاز بيانك اقتضابه. وإن ذكر الكلام ففي انتقائك من برهانه المحصول، أو المنطق ففي موجز أماليك لبابه المنخول. وليس أساس البلاغة إلا ما تأتي به من فصل المقال، ولا جامع الخير إلا ما حزته من تهذيب الكمال. ولذلك صارت حرمتك غاية المطلوب، وحبك قوت القلوب. ولا غرو أن كنت من العلياء درتها المكنونة، فأسلافك الكرام هم جواهرها الثمينة.
بحماستهم أصيبت مقاتل الفرسان، وبجود جودهم تسنى ريّ الظمآن، وبتسهيل عدلهم وضحت شعب الإيمان. وأنت المنتقى من سمط جمانهم، والواسطة في قلائد عقيانهم. عنك تؤثر سيرة الاكتفاء، وعن فروعك السعداء تروى أخبار نجباء الأبناء. فهم لمملكتك العلية بهجة مجالسها، وأنس مجالسها؛ وقطب سرورها، ومطالع نورها. وولي عهدك درتهم الخطيرة، وذخيرتهم الأثيرة.
لا زال كامل سعادته بطول مقامك محكما، وحرز أمانته بالجمع بين الصحيحين: حبك ورضاك معلما! وقد وجبت التهنئة بما كان في حلية (١) برئه من التّيسير، وتهيّأ في استقامة قانون صحته من نجح التدبير.
ولم يكن إلا أن بعدت به عنك المسالك. وأعوز نور طرفه