وأجيل في ميدان شكرك عربها ... غرّا فلست بشاكر النّعماء
فضحت يمينك كلّ جود وابل ... وثناي عرف الرّوضة الغنّاء
وعلى هذه القصيدة حكاية: وهي أن صاحبنا أبا العبّاس لما رفعها لأمير المؤمنين المتوكل على الله أبي عنان، وافق المجلس أن الشريف أبا عبد الله محمد بن القاسم الحسيني العراقي رفع للمتوكل أبي عنان قصيدة مثلها في الوزن والقافية. فلما قرئت قال شيخ بني مرين وهو الحاج أبو مهدي عيسى بن الحسن بن علي بن يحيى بن منديل بن أبي الطّلاق العسكري لأبي عنان المتوكل: يا أمير المؤمنين! إن قصيدة الشريف أحسن من قصيدة ذلك الحضري! يعني صاحبنا أبا العباس بن عبد المنّان. فقال له أبو عنان المتوكل على الله:«ليس الأمر على ما ذكرت، اسكت، فإنك غير عارف بالشعر! إنّ قصيدة أحمد أبدع من قصيدة الشّريف!» وصاحبنا أبو العباس لهذا كلّه قائم بين يدي أبي عنان المتوكل يسمع ما قال السلطان، وما قال الشيخ أبو مهدي، فحقدها للشيخ أبي مهدي. فلمّا قام الشيخ أبو مهدي بجبل [٩٣/أ] الفتح من الأندلس على أبي عنان (١)، وقبض عليه، وسيق للمتوكل
(١) كان انتقاض أبي مهدي عيسى بن الحسين بن أبي الطلاق على أبي عنان المريني سنة ست وخمسين وسبع مئة. ووصفه السلاوي بأنه كان وزير أبي عنان وصاحب شوراه، وأنه من شيوخ بني مرين ووجوهها. وكان انتقاضه بجبل طارق (وهو جبل الفتح المذكور، سماه بذلك الموحدون بعد إزالتهم المرابطين ودخولهم الاندلس). قال: وهو انتقض على السلطان لأسباب يطول شرحها. وقد انتهى أمر الثائر إلى سجن أبي عنان ثم قتله مع ابنه، ولم يقبل منه عذرا. (الاستقصا ٣:٢٠٠).