للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

السلام الشعر؛ وتمثله به صحيح أخرجه أهل الصحة. ولكنه صلى الله عليه وسلم، مهما أنشد الشعر وتمثل به لا يذكره إلا غير موزون، لكونه لم يكن في طبعه، وقد قدمنا سبب ذلك. فكان عليه السلام يتمثل بقول طرفة:

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا ... ويأتيك بالأخبار من لم تزود

ينشده غير موزون، يقول، (ويأتيك من لم تزود بالأخبار) (١) فيقول [١١/ب] أبو بكر الصديق: ليس هكذا يا رسول الله وإنما هو (ويأتيك بالأخبار من لم تزود) فيقول له عليه السلام، إني لست بشاعر ولا ينبغي لي قوله، عليه السلام.

«ولا ينبغي لي» أي ما هو بحسن في حقه، لأنة لو كان يقول الشعر لكان يورث الشبهة في الطعن فيما أتى به من القرآن، ولقيل إنه من عنده. وقد قال المشركون فيه: شاعر، ولم يكن بشاعر. قال الله تعالى: وَماعَلَّمْناهُ اَلشِّعْرَ وَمايَنْبَغِي لَهُ (٢) فنزّهه عن ذلك. انظر قولهم، وهو ليس بشاعر، فما ظنك لو كان شاعرا؟.

وقال الحسن (٣): كان النبي صلى الله عليه وسلم يتمثل بهذا البيت «كفى بالإسلام والشيب للمرء ناهيا»؛ فقال أبو بكر: يا نبي الله إنما قال الشاعر:

*كفى الشيب والإسلام للمرء ناهيا (٤) *

فقال أبو بكر وعمر (٥): أشهد أنك رسول الله؛ لقوله تعالى {وَماعَلَّمْناهُ


(١) الخبر في تفسير القرطبي ١٥:٥١ - ٥٢.
(٢) سورة يس ٣٦ - ٦٩. (وما علمناه الشعر وما ينبغي له إن هو إلا ذكر وقرآن مبين)
(٣) الخبر في تفسير القرطبي.
(٤) عجز بيت لسحيم عبد بني الحسحاس (ديوانه ١٦) وتمامه:
عميرة ودع إن تجهزت غازيا ... كفى الشيب والإسلام للمرء ناهيا
(٥) يعني تعقيبا على ذلك.

<<  <   >  >>