للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَقَدْ حَرَصَ مُؤَلِفُهُ -وَفَّقَهُ الله تَعَالَى- عَلَى التَّوْثِيْقِ وَالتَّحْقِيْقِ، وَالرُّجُوْعِ لِلْمَصَادِرِ الأَصْلِيَّةِ، وَاتَّبَعَ فِيْهِ طَرِيْقَةَ المِزِّيِّ فِي مُحَاوَلَةِ تَقَصِّي شُيُوْخِ الرَّاوِي وَتَلَامِيَذِهِ، وَجَعَلَ لهُمْ رُقُوْمًا يُعْرَفُ بِهَا فِي أَيِّ كِتَابٍ مِنْ كُتُبِ "إِتْحَافِ المَهَرَةِ" وَقَعْتْ رِوَايَتُهُ عَنْ ذَلِكَ الاسْمِ المَرْقُوْمِ عَلَيْهِ، وَرِوَايَةُ ذَلِكَ الاسْمِ المَرْقُوْمِ عَلَيْهِ عَنْهُ، وَهَكَذَا فِي مِيْزَاتٍ عِدَّةٍ لِهَذَا الكِتَابِ، وَيَلُوْحُ لِقَارِئِ الكِتَاب الجَهْدُ الكَبِيْرُ الَّذِي بَذَلَهُ فِيْهِ، فَجَزَاهُ اللهُ خَيْرًا وَنَفَعَ بِهِ وَبِمَا كَتَبَ.

إِلَّا أَنِّي أُنَبِّهُ عَلَى مَسْأَلَةٍ -أُحِبُّ أَنَّ المُؤَلِّفَ تَطَرَّقَ إِلَيْهَا- وَهِي أَنَّ ابْنَ الجَارُوْدِ كَانَ قَدْ أَخْرَجَ لِرِجَالٍ ضُعَفَاء، وَلِبَعْضِ المَجْهُوْلِيْن فِي كِتَابِهِ، فَمَا سَببُ تَخْرِيْجِ ابْنِ الجَارُوْدِ لَهُمْ (١)؟.

وَالجَوَابُ عَنْ هَذَا:

أَوَّلًا: أَنَّ ابْنَ الجَارُوْدِ لَمْ يَشْتَرِطْ الصِّحَّةَ، وَإِنَّمَا سَمَّى كِتَابَهُ "مُنْتَقَى".

ثَانِيًا: أَنَّ أَهْلَ العِلْمِ قَدْ يَتَسَاهَلُوْنَ فِي الاحْتِجَاجِ بِبَعْضِ الأَحَادِيْثِ الَّتِي فِيْهَا ضَعْفٌ، كَمَا يُعْلَمُ هَذَا مِنْ تَتَبُّعِ مَنَاهِجِهِمْ.

قَالَ أَبُوْ دَاوُدَ: "وَمَا كَانَ فِي كِتَابِي مِنْ حَدِيْثٍ فِيْهِ وَهْنٌ شَدِيْدٌ فَقَدْ بَيَّنْتُهُ، وَمِنْهُ مَا لَا يَصِحُّ سَنَدُهُ، وَمَا لَمْ أَذْكُرْ فِيْهِ شَيْئًا فَهُوَ صَالِحٌ، وَبَعْضُهَا أَصَحُّ مِنْ بَعْضٍ" (٢).

فَقَوْلُ أَبِي دَاوُدَ: (صَالِحٌ) أَيّ: صَالِحٌ للاحْتِجَاجِ.


(١) أَقُوْلَ: لَمْ أَتَطَرَّقْ لَهَا لِأَنَّهَا خَارِجُ عَمَلِيِّ، وَاللهُ المُسْتَعَان. أَبُوْ الطَّيِّبِ.
(٢) "رِسَالَةُ أَبِي دَاوُدَ إِلَى أَهْلِ مَكَّةَ" (ص/ ٢٧ - ٢٨).

<<  <   >  >>