ثم إن المنتصر كان إذا جلس للشرب مع قتلة أبيه يعربد عليهم ويقول: أنتم قتلتم أبى فيقولون: قتله من قتله، نحن ما ندري. ثم إنهم اجتمعوا وتشاوروا وقالوا:
ما نلقى من هذا الرجل خيرا وإن أمكنه فرصة أهلكنا بأسرنا فتعالوا نعاجله قبل أن يعاجلنا. فاجتمع رأيهم على أن بذلوا لجبرائيل «٣٠٠» بن بختيشوع الطبيب مالا وقالوا له:
إن المنتصر معوّل على الفصد في هذا الفصل فأفصده بمبضع مسموم ولك هذا المال.
فأخذ المال منهم وفصده بمبضع مسموم فمات وذلك في يوم السبت لأربع خلون من ربيع الآخر [٥٣ ب] سنة ثمان وأربعين ومائتين «٣٠١» ودفن بالجوسق، وصلى عليه أحمد بن [محمد بن] المعتصم «٣٠٢» ، وكان له خمس وعشرون سنة.
وكان القاضي في أيامه جعفر بن عبد الواحد الهاشمي «٣٠٣» ، وواليه على خراسان الّذي كان في زمن أبيه طاهر بن عبد الله بن طاهر. وعلى شرطته ببغداد أخوه محمد ابن عبد الله بن طاهر.
ومن العجائب أن جبرائيل بن بختيشوع احتاج إلى الفصد فاستدعى فاصدا ليفصده فأخرج الفاصد مبضعا ما ارتضاه فقال: أنا أعطيك مبضعا تفصدنى به وأخرج دست المباضع الّذي له وفتحه وأعطاه ذلك المبضع الّذي فصد به المنتصر بعينه وهو لا يعلم أنه هو ففصده به فمات من ساعته «٣٠٤» .