هو أبو محمد، عليّ بن المعتضد باللَّه. وأمه جارية تركية اسمها «ججك»«٤٠٠» .
بويع له بعد وفاة أبيه بيومين ولم يل الخلافة بعد النبيّ- صلّى الله عليه وسلم- من اسمه عليّ إلا عليّ بن أبى طالب- صلوات الله عليه- والمكتفي باللَّه «٤٠١» . وكان أبوه، حين اشتدت علّته، سئل في أن يعهد إلى أحد فقال: والله ما أسمّى لها أحدا ولقد كفاني ما تقلّدت منها فبايعوا من شئتم. فأجمعوا على المكتفي.
وحين استقرّ في الخلافة أكرم أهله ووصلهم وسائر بنى هاشم وخلع على عبد الله ابن المعتز وأمره أن يركب إلى المواكب في سواد وبسيف بحمائل ففعل ما أمره به ثم أراده لمنادمته فاعتذر «بأن بى سلس البول وإني أحتاج إلى القيام في كل يوم دفعات ولا يليق ذلك بمجالس الخلفاء» .
وكان المكتفي يجلس للمظالم بنفسه وردّ حقوقا كثيرة.
وكان بدر المعتضدي مستشعرا من المكتفي ببلاد الجبل لمنافسة كانت بينهما في أيام المعتضد فكتب إليه المكتفي كتابا بيده «٤٠٢» هذه نسخته: «أمتعنى الله ببقائك، ثق باللَّه عز وجل وبما لك عندي [٧٠ ب] فإنّي عالم بنيّتك واثق بأمانتك ولا تستشعر مما كان بيننا فإن تلك كانت حال منافسة وهذه حال خلافة وأنا أحق من عبد الملك بن مروان بقول الأخطل:
شمس العداوة حتى يستقاد لهم ... وأعظم الناس أحلاما إذا قدروا
فلما قرأ خطّه طابت نفسه وبادر إلى بغداد فلما وصل إلى النهروان أوقف له القاسم ابن عبيد الله الوزير من اغتاله وقتله وحسّن ذلك للمكتفى لأنه كان غالبا على أمره.
ومن أعجب الأشياء أن المعتضد باللَّه لما مات عبيد الله بن سليمان ذكروا عنده جماعة للوزارة فقال بدر، وكان هو المعتضد على الحقيقة: يا أمير المؤمنين القاسم عبدك وربيب نعمتك ونشؤ دولتك وفيه كفاية وله دربة بالعمل، ولو راعيت حق أبيه مع كفايته لكان أولى من غيره وردّد عليه القول حتى استوزره على كره منه. فلما خرج بدر