هو أبو إسحاق، إبراهيم بن المقتدر باللَّه، بويع له يوم الأربعاء العشرين «٤٧٧» من ربيع الأول سنة تسع وعشرين وثلاث مائة. وأمه أم ولد اسمها «خلوب»[٨١ أ] .
وحين مات الراضي انحدر المتقى للَّه من داره بدار ابن طاهر من الجانب الغربي إلى دار السلطان والناس على شاطئ دجلة يدعون له والمقرءون يقرءون بين يديه.
ولما صعد من الزبزب جلس لحظة على رواق الخورنق وقام وصلّى ركعتين على الأرض ثم ارتقى السرير وبايعه الناس. وعرضت الوزارة على عليّ بن عيسى فأباها واعتذر بضعفه وكبر سنّه «٤٧٨» .
ونفذ الخليفة بجكم إلى قتال الأكراد والديلم بنواحي واسط فمضى وهزمهم وفي عوده كان يتصيّد وعليه غلالة كتّان فبادره كردى ورماه بحربة فوقعت في ظهره وخرجت من صدره «٤٧٩» . ووجد المتقى في دار بجكم أموالا لا تحصى «٤٨٠» . فيقال:
إن الآلات والفرش نقل إلى دار الخلافة في السفن والزواريق في مدة أربعين يوما.
والمال كان ألف ألف وست ومائة ألف دينار هذا سوى ذخائر بجكم التي ضاعت فإنه كان يحمل الصناديق وفيها الدنانير على البغال ويخرج معها وحده وعلى كل بغل رجل مسدود العين فإذا بلغ إلى المكان الّذي يريده من الصحراء فتح أعينهم وأمرهم بدفن الصناديق، ثم عاد وشدّها بيده وأركبهم على البغال وأعادهم إلى البلد فإذا حصلوا في داره عاد وفتح أعينهم حتى لا يعلموا أيّ مكان دفنوا تلك الأموال. وكان هذا دأبه مدة ولايته. وضاعت تلك الأموال كلها ولم يعرف لها خبر «٤٨١» .
وكان بجكم من أعقل الناس وأحسنهم تدبيرا ولذلك بلغ إلى ما بلغ. وكان الخلفاء يعتمدون عليه ويفوّضون أمر دولهم إليه ويقدّمونه على الوزراء. وكان لا يتكلم [٨١ ب] إلا بالفارسية وله ترجمان يعرف بمحمد بن ينال «٤٨٢» .
واستوزر المتقى أبا عبد الله ابن البريدي عامل واسط «٤٨٣» ، وتزوّج ابن الخليفة المتقى، أبو منصور بابنة أبى عبد الله «٤٨٤» ، ثم استشعر منه المتقى لأنه كان قد جاء معه