هو أبو القاسم، عبد الله بن المكتفي. وأمه أم ولد اسمها «غصن»«٥٠٩» . بويع له ساعة كحل المتقى في يوم السبت تاسع عشر صفر سنة ثلاث وثلاثين وثلاث مائة.
وكان السفير له في الخلافة امرأة تعرف ب «حسن الشيرازية»«٥١٠» وكانت زوجة بعض كتاب الأمير توزون وكانت تدخل دار الأمير أبى القاسم بن المكتفي وتختلط بأهله قبل خلافته فقالت يوما لزوجها: لو خاطبت الأمير توزون في استعطاف المتقى للَّه بكل ما يجد إليه سبيلا حتى يحصل في يده ثم يقبض عليه ويبايع ابن المكتفي.
وقالت له: إنه يعطى الأمير توزون مائتي ألف دينار من خاصته وخمس مائة ألف دينار من وجوه يعرفها، وجسّرت زوجها على الخطاب في هذا الباب حتى خاطب به توزون ووافق ذلك ما كان في نفس توزون من المتقى وأنه دفعة كاتب بنى حمدان ودفعة كاتب بنى بويه يولّيهم. وكان هذا الرجل قد ألقى إلى سمع توزون وثبت في نفسه: إنك إن أتمت هذا الأمر كان هذا الرجل خليفة من قبلك وكان طوع أمرك ونهيك ورأى نفسه من صنائعك.
ولما وصل الخليفة إلى صحراء السندية ورآه توزون استحيا منه وأراد الرجوع عما عزم عليه أو تأخير الأمر إلى أن يستقر في [٨٦ أ] الدار فقال له ذلك الرجل:
إن كنت تريد أن تفعل شيئا فافعله الآن فهذا وقته قبل أن يدخل الدار وتحول بيننا وبينه الحيطان وقبل أن ينمّ إليه شيء من أمرنا فيهلكنا، فأقدم حينئذ توزون على ما أقدم عليه.
وصيّر المستكفي هذه المرأة قهرمانة الدار وغيّر اسمها وسمّاها «علم» فصارت تعرف ب «علم القهرمانة» .
وكان الأمير توزون يركب كل يوم مع المستكفي إلى باب الشماسية على الظهر ثم يعود في الماء وهو معه حتى يصعد إلى الدار. ثم إن المستكفي خاف أن يجرى عليه من توزون ما جرى على المتقى وكان قد بقي في بنى البريدي أبو الحسين وهو الّذي جاء إلى بغداد وهتك حرمة الخلافة وهرب منه المتقى إلى الموصل، فأمر المستكفي الأمير