هو أبو عبد الله، محمد بن هارون وأمه زبيدة، واسمها أمة العزيز وإنما زبيدة لقب وقع عليها وهو أن جدّها المنصور كان يحبها وكانت بيضاء سمينة فكان يقبّلها ويرقّصها ويقول لها: أنت زبيدة، فعرفت بذلك. وكنيتها أم جعفر، ولم يتول الخلافة هاشمي الأبوين إلا عليّ بن أبى طالب، أمير المؤمنين- صلوات الله عليه وسلامه- ومحمد الأمين. فإن أم أمير المؤمنين عليّ بن أبى طالب- كرم الله وجهه- فاطمة بنت أسد بن هاشم «١٧٣» . وأم محمد الأمين، زبيدة بنت جعفر بن المنصور.
ووصلت الخلافة إلى محمد الأمين قبل وصول الفضل بن [٣١ أ] الربيع مع رجاء الخادم «١٧٤» كان نفذه الفضل من الطريق فوصل ليلة الخميس النصف من جمادى الآخرة فكتم الأمين هذا الخبر يوم الخميس وتحوّل ليلة الجمعة من قصر الخلد إلى مدينة المنصور وأظهر وفاة الرشيد يوم الجمعة وخطب بالناس وصلّى بهم الجمعة. ولما خطب حمد الله وأثنى عليه ونعى الرشيد وعزّى نفسه وعزّى الناس عنه ثم أخذ البيعة له بالخلافة ثم نزل من المنبر «١٧٥» وما عاد رقاه بل اشتغل بلذّاته وأخذ ينهمك في الشرب وأساء التدبير في جميع الأمور حتى نفذ إلى المأمون يسومه النزول عن الرىّ وعن بعض كور خراسان التي كان أبوه في حياته ولّاه إياها. ثم نكث العهد الّذي عاهد أخاه عليه فجعله من العهد وبايع بالعهد لولده موسى وكان طفلا «١٧٦» . ثم نفذ إلى المأمون يأمره بالقدوم عليه فما امتثل أمره فنفذ إلى محاربته عليّ بن عيسى بن ماهان في أربعين ألف مقاتل. وكانت زبيدة تحب المأمون لنجابته وعقله وبرّه بأهله فنفذت إلى عليّ ابن عيسى بن ماهان قيدا من ذهب وقالت «١٧٧» : إن ابني محمدا الأمين أمرك أن تجيئه بعبد الله المأمون مقيدا وأنا أعزّه وهو عندي بمنزلة محمد فإذا قبضت عليه فلا تقيّده بقيد من حديد بل بهذا. قال: السمع والطاعة. ثم خرج من بغداد يطلب خراسان وحين سمع المأمون بذلك ندب لمحاربته طاهر «١٧٨» بن الحسين فلقيه بالريّ فكسر طاهر عليّ ابن عيسى واستباح عسكره وقتله. وكتب إلى المأمون على البريد رقعة [٣١ ب]