في يوم الخميس منتصف شوال سنة ست وثمانين، وكانت خلافته إحدى وعشرين سنة وأياما. وسلط الحجاج بن يوسف على العراق والحرمين وخراسان فقتل وفتك وهدم الكعبة ورماها بالمنجنيقات، وصلب عليها عبد الله بن الزبير، وأمه «٣٠» أسماء بنت أبى بكر الصديق، وبقي سنة مصلوبا إلى أن حج عبد الملك بن مروان فوقفت له أسماء بنت أبى بكر الصديق- رضى الله عنها- على الطريق. وقالت له «٣١» :
أما آن لهذا الراكب أن ينزل؟ فأمر بخطّه وتسليمه إليها. فوضعت عظامه في حجرها وفي الحال حاضت ودرّ لبنها «٣٢» وكان لها من العمر زائدا على السبعين سنة، فلما رأت ذلك من نفسها- رضوان الله عليها- قالت: حنّت إليه مواضعه ودرّت عليه مراضعه.
وجرى في أيام عبد الملك بن مروان على يد الحجاج بن يوسف، لعنه الله تعالى، من هتك حرمة الإسلام والمسلمين ما لا فائدة في ذكره. وجملة الأمر أن الحجاج- لعنه الله تعالى- قتل ألف ألف وست مائة ألف مسلم في ولايته، ومات، لا رضى الله عنه وأخزاه، وفي حبسه ثمانية عشر ألف نفس يسقيهم السرجين المداف في بول الحمير، وأراح الله سبحانه وتعالى المسلمين منه. وكان مع ذلك فصيحا سخيا، وكان قصير القامة، مشوّه الخلقة أعمش العينين.
[الوليد بن عبد الملك، [٦ أ]]
وكنيته أبو العباس، بويع له في المنتصف من شوال سنة ست وثمانين، وتوفى في يوم السبت منتصف جمادى الآخرة سنة ست وتسعين، وكانت مدة خلافته تسع سنين وسبعة أشهر. وفي خلافته مات الحجاج بن يوسف- لا رضى الله عنه-.
[سليمان بن عبد الملك،]
وكنيته أبو أيوب، استخلف يوم وفاة أخيه الوليد.
وتوفى لعشر بقين من صفر سنة تسع وتسعين، وكانت مدة خلافته سنتين وثمانية أشهر وخمسة أيام «٣٤» .
[عمر بن عبد العزيز بن مروان،]
أبو حفص- رضى الله عنه- كنيته أبو حفص، وهو التقى النقي الصوّام القوّام، بويع له في صفر سنة تسع وتسعين، وكان حسن