هو أبو جعفر، عبد الله بن محمد بن عليّ بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب، وأمه أم ولد يقال لها سلامة البريرية. وكان يعرف بعبد الله الطويل. وكان مولده بإيذج من أعمال خوزستان فإن أباه كان قصد عبد الله بن معاوية [بن عبد الله] بن جعفر بن أبى طالب وهو وال على أصفهان من قبل بنى أمية «٦٨» ليستميحه ومعه أمه فولد هناك «٦٩» . ووصل إليه الخبر بوفاة أخيه السفاح وهو عائد من مكة وأمير الحاج أبو مسلم وكان ضميمة إلى أبى مسلم وكان إذا دخل على أبى مسلم لا ينهض له ولا يوفيه حق كرامته. وكان الخبر بموت أبى العباس وصل إلى أبى مسلم أولا فاستشعر من أبى جعفر لأنه ولى العهد فتقدم قبله إلى صوب العراق وكاتبه من الطريق يخبره بوفاة أخيه وكان عنوان الكتاب:«من أبى مسلم إلى أبى جعفر» ولم يخاطبه فيه بالخلافة فاحتقد المنصور هذه الأشياء عليه. وكان المنصور عالما عاقلا راويا للأحاديث أديبا شاعرا.
وكان يقول: إذا مدّ عدوّك إليك يده فاقطعها فإن لم تقدر على قطعها فقبّلها «٧٠» . وكان يقول: لا يقوم الملك إلا بأربع كما لا يقوم هذا السرير إلا بقوائمه الأربع. قيل له:
وما هي يا أمير المؤمنين؟ قال: قاض لا تأخذه في الله لومة لائم، وصاحب شرطة ينتصف للضعيف من القوى [١٤ أ] ، وصاحب خراج يستوفي لي ولا يظلم الرعية فإنّي مستغن عن ظلمهم، ثم قال: آه ومن لي بالرابع وهو صاحب بريد يعرّفنى أخبار هؤلاء على الصحة «٧١» .
وحكى «٧٢» المنصور قبل وصول الأمر إلى بنى العباس قال: «رأيت في نومي أيام حداثتي كأنّا حول الكعبة، أنا وأخى أبو العباس وعمى عبد الله بن عليّ وإذا مناد ينادى من داخل الكعبة بصوت عال: أبو العباس! فقام أخى ودخل ثم خرج وبيده لواء أسود إلا أنه كان قصيرا على قناة قصيرة ومضى. ثم نودي: أبو جعفر! فنهضت أنا وقام عبد الله عمى ورائي فلما وصلت إلى باب الكعبة تقدم ليدخل قبلي فدفعته عن الدرجة فسقط إلى أسفل ودخلت الكعبة فإذا رسول الله- صلى الله عليه وسلم-