منهم: لو لم يكن من عجائب الزمان إلا أنّا رأينا لسان مروان بن محمد ملك الشرق والغرب في فم هرّة تمضغه لكفانا ذلك «٤٢» . وكان معه خادم يختص به فقدّم ليقتل فقال: لا تقتلوني، فأنا أفتدي نفسي. قالوا: بماذا؟ قال: بميراث النبوة فإنه عندي قيل له: وما ميراث النبوة؟ قال: البردة والقضيب والخاتم فقالوا: أحضره فأحضر ذلك وسلّمه إليهم فخلوا عنه «٤٣» . وحملوا البردة والقضيب والخاتم إلى الكوفة وسلّموها إلى أبى العباس السفّاح، وزال ملك بنى أمية، فسبحان من لا يزول ملكه.
ذكر من بويع له بالخلافة في أيامهم «٤٤»
أبو عبد الله، الحسين بن عليّ بن أبى طالب- قدس الله روحه- بايعه أهل الكوفة سنة تسع [٨ أ] وخمسين وهاجر إليها في ذي القعدة من سنة إحدى وستين، ونصحه أهل المدينة وقالوا له: تريّث فإن هذا موسم الحاج فإذا وصلوا فاخطب في الناس وادعهم إلى نفسك فيبايعك أهل الموسم ويتذكر بك الناس جدّك وتمضى حينئذ في جملتهم في جماعة ومنعة وسلاح وعدة. فلم يصبر وخرج ومعه سبعون نفرا أكثرهم أولاده وأقاربه وأهل بيته. فلما كان في بعض الطريق لقيه الفرزدق الشاعر فقال له الحسين- كرّم الله وجهه-: يا أبا فراس، كيف تركت الناس وراءك؟ فعلم عن أي شيء يسأله. فقال له: يا ابن بنت رسول الله تركت القلوب معك والسيوف مع بنى أمية. [فقال] : ها إنها لمملوءة كتبا، وأشار إلى حقيبة كانت تحته. ثم وصل يوم عاشوراء من سنة إحدى وستين إلى الطف فتلقاه عبيد الله بن زياد في أربعة آلاف مقاتل «٤٥» ، وعلم أنه ليس له به طاقة فنفذ إليه وقال: أنا معك بين ثلاثة أمور: إما أن تدعني أذهب من حيث جئت، وإما أن تعين لي موضعا آخر أقصده وأعيش به، وإما أن أسلم نفسي إليك نازلا على حكم يزيد بن معاوية فتحملني إليه ليفعل في أمرى ما يشاء. فقال عبيد الله بن زياد: أما