للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والناس لا يعلمون ما الّذي يريدونه إلى أن أدخلت العمارية إلى سرادق توزون وضربت الدبادب والبوقات على باب السرادق وأصحاب الخليفة كلهم وقوف لا يعلمون أين ذهب [٨٥ أ] به وكذلك كل من خرج لتلّقيه من أهل بغداد «٥٠٧» . وبيناهم في ذلك إذ خرج الأمير أبو القاسم عبد الله بن المكتفي من سرادق توزون وعليه القباء الأسود والمنطقة والعمامة على الرصافية «٥٠٨» وهو متقلّد سيفا بحمائل فركب جنيبا من الجنائب التي كانت تقاد بين يدي المتقى للَّه، وكان قد أحضره توزون ليلا والناس لا يعلمون، وركب الأمير توزون وسايره وهو يقول للناس: ادعوا لخليفتكم فنزل القوم كلهم وقبّلوا الأرض وبايعوه وسمّى نفسه «المستكفي باللَّه» ثم سار في صحراء السندية والأمير توزون على يمينه والعساكر تسايره ونزل في سرادق المتقى وجلس على سريره. ثم رحل من فوره وركب والأمير توزون يسايره حتى دخل بغداد والخلائق الذين خرجوا لاستقبال المتقى في صحبته واجتاز تحت تلك القباب التي ضربت للمتقى ودخل دار الخلافة.

ثم إن الناس سمعوا من بعد ذلك أن عمارية المتقى لما عدلوا بها إلى مضارب توزون اعتقد المتقى أن توزون يريد بذلك أن يتشرّف بنزول الخليفة عنده في ذلك اليوم.

فحين دخلت العمارية إلى المضارب ووقعت عين المتقى على ابن عمه أبى القاسم بن المكتفي ما فطن أيضا بالقصة فاعتقد أنه قد خرج لتلقّيه مع من خرج إلى أن قال له توزون:

بايع أمير المؤمنين، فقال المتقى: ومن أمير المؤمنين؟ قال توزون: هذا الّذي تراه فعلم حينئذ أنه قد غدر به وقال: ما أبايعه ولا أخلع نفسي فأمسكوه وسملوا عينيه في الحال وكانت تلك الدبادب التي ضربت لئلا يسمع صياحه [٨٥ ب] .

وحين استقر المستكفي باللَّه في دار الخلافة سلّم المتقى إليه فحبسه وما طاب له ما جرى عليه من توزون ولا سكنت نفسه إلى توزون مع نكثه الأيمان التي حلفها للمتقى وأسرّ في نفسه ما انتهى أمر توزون إليه.

<<  <   >  >>