توزون باستعطافه ومكاتبته وبذل الأمان له ليحصل في أيديهم ففعل توزون ذلك وكتب له الأمان ونفذ إليه الرسل حتى ورد الحضرة فلما دخل على المستكفي أمر بإحضار النّطع والسيف وقدم البريدي وأمر بضرب عنقه بين يديه «٥١١» واستشعر توزون من المستكفي فبادر المستكفي فسمّ توزون فمات في تلك الأيام «٥١٢» .
واستوزر أبا جعفر، محمد «٥١٣» بن يحيى بن شيرزاد ولقّبه أمير الأمراء وزاد في ألقابه إمام الحق وأمر أن يكتب ذلك على التراس والطرز والأعلام.
وفي سنة أربع وثلاثين وثلاث مائة عاد الأمير أبو الحسين أحمد بن بويه الديلميّ إلى نواحي العراق وقصد بغداد طمعا في أن يكون مكان الأمير توزون فأظهر [٨٦ ب] المستكفي الفرح به والسرور بقدومه وخلع عليه وطوّقه وسوّره وجعله أمير الأمراء ولقّبه «معز الدولة»«٥١٤» .
ثم نمّ الخبر إلى معزّ الدولة بأن علم القهرمانة تريد أن تتخذ دعوة وتجمع فيها وجوه بغداد من القضاة والأئمة وتدعو في الجملة معزّ الدولة ووجوه أصحابه فإذا حصلوا عندها في الدار أدخلت إليهم العامة من باب آخر فعلوهم بالسيوف. فاستشعر معز الدولة من الخليفة وقال: مثل هذه المرأة تلعب بالدول؟ ودبّر أمره بحيث لم يعلم به أحد ودخل في يوم الموكب على العادة إلى خدمة المستكفي وهو يوم الخميس سادس عشر جمادى الأولى سنة أربع وثلاثين وثلاث مائة. فحين وقعت عليه عينه قبّل الأرض ووقف بين يدي السرير وأمره فصعد على درجة السرير وأخذ يده فقبّلها ثم كان بعد ذلك يصعد اثنان اثنان فيقبّلان يد المستكفي وينزلان ويصعد آخران، فانتهت النوبة إلى أن صعد ديلميّان لتقبيل يده أحدهما اسمه بكران وهو خال معزّ الدولة والآخر من أقاربه فحين مدّ يده إليهما جذباه جذبة سقط منها على الأرض وبادر معز الدولة وترك عمامته في حلقه وسحبه على وجهه وأمر بضرب البوقات والدبادب على شاطئ دجلة تحت الدار وانتهبت الدار وكل من حضر في ذلك الموكب وأخذت علم القهرمانة «٥١٥» .
ثم مضى معزّ الدولة إلى دار الأمير أبى القاسم، الفضل بن المقتدر باللَّه وأخرجه منها وأجلسه على السرير وبايعه بالخلافة وسلّم إليه المستكفي باللَّه فسمل عينيه وحبسه [٨٧ أ] .