للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من حضرة المعتضد باللَّه قال المعتضد لمن حضر: والله ما يقتل بدرا سوى القاسم فكان كما قال «٤٠٣» . وحين جيء برأس بدر إلى المكتفي وأظهر القاسم أنه كان عدوّا لدولته قال يحيى بن عليّ المنجّم تقربا إلى قلب القاسم:

بعدا لمن لا يشكر الإنعاما ... ويرى لمولاه عليه ذماما

أولى الأنام بأن يهان ويسلب ... الإكرام من لا يعرف الإكراما

لم يدر لما أرضعته درّها ... الدنيا بأن مع الرضاع فطاما

ولم تطل بعده مدة القاسم بن عبيد الله فإنه توفى في سنة إحدى وتسعين [٧١ أ] ومائتين وانتشر موته في دولة المكتفي. وكان «٤٠٤» إذا التفت إلى وزيره بعده وأصحابه ينشد:

ولما أبى إلا جماحا فؤاده ... ولم يسل عن ليلى بمال ولا أهل

تسلّى بأخرى غيرها فإذا التي ... تسلّى بها تغرى بليلى ولا تسلى

وولى المكتفي بعده العباس بن الحسن.

وحكى «٤٠٥» محمد بن يحيى الصولي في كتاب الوزراء، قال: لقد رأيت عجبا، كنّا في عزاء القاسم وفيه جميع أهل بغداد وأركان الدولة وأرباب المناصب وفي الجملة العباس بن الحسن، فحين صلّينا عليه وأردنا الانصراف تقدّم العباس بن الحسن إلى ولديه فقبّل يديهما، ولما كان قريبا من الظهر استوزر المكتفي العباس بن الحسن وجلس في الديوان ينظر إلى بعد العصر ثم نهض وعاد إلى العزاء وكان القاسم قد دفن في داره فمضى لزيارة القبر فتلقّاه ولدا القاسم وقبّل كلّ واحد منهما يده، هذا في يوم واحد وما طالت المدة.

وحكى الصولي قال: ما رأيت أكرم من المكتفي، كنّا يوما بين يديه فقال ليحيى ابن عليّ المنجّم «٤٠٦» : يا يحيى باللَّه عليك كيف أشرت على أبى أن يولّى العهد غيري وقلت في ذلك شعرا؟ فحلف واجتهد وقال: يا سيدي لقد كذب عليّ وكيف كنت أقول ذلك؟ ألست القائل لمولانا المعتضد لما سار إلى آمد في قصيدة طويلة أولها:

<<  <   >  >>