وفي سنة سبع وأربع مائة قصد السلطان محمود بن سبكتكين خوارزم وملكها.
وفي سنة أربع عشرة وأربع مائة مات ولىّ العهد ابن القادر باللَّه وكان أبوه قد لقّبه في حياته «الغالب باللَّه»«٥٥١» .
وفي هذه السنة خرج الحاكم بأمر الله «٥٥٢» سلطان مصر وحده راكبا حمارا يريد الصحراء وفقد ولم يعلم له خبر بعد ذلك، وجلس مكانه ابنه في الملك ولقّب نفسه «الظاهر لإعزاز دين الله» .
وفي سنة خمس عشرة وأربع مائة مات سلطان الدولة فنا خسرو بتخمة النبيذ وجلس مكانه الأمير أبو كاليجار «٥٣٣» ابنه ولقّبه الخليفة ب «محيي دين الله» .
وفي سنة إحدى وعشرين وأربع مائة وصل الخبر إلى بغداد بموت السلطان محمود ابن سبكتكين وجلوس ابنه مسعود مكانه.
وخرج التركمان من باديتهم إلى بلاد الإسلام وكانوا ثلاثة إخوة، محمد وهو طغرلبك وداود وهو جغري بك وإبراهيم وهو ينال. وكتبوا إلى القادر باللَّه وطلبوا أن يولّيهم بلدا من بلاد خراسان، وكان محمد أكبرهم وكان يخاطب من ديوان القادر ب «الدهقان الجليل محمد بن ميكائيل» . فنفذ القادر باللَّه إلى مسعود بن محمود يأمره أن يخلى لهم بلدا من بلاد خراسان ليكفوا شرهم عن بلاد المسلمين وأن يكون واحد منهم أبدا في خدمته. وقبل وصول الكتاب قتل مسعود بن محمود واستولى التركمان على بلاد [٩٢ ب] خراسان ووقع بأس المحمودية بينهم لطلب الملك فانحجزوا إلى غزنة وقوى أمر التركمان.
ومات القادر باللَّه في الحادي والعشرين من ذي الحجة سنة اثنتين وعشرين وأربع مائة وجلسوا له للعزاء في ذلك اليوم إلى وقت العصر. ثم قام ابنه من وراء سبنية وصلّى بهم العصر ثم بعد ذلك صلّى على تابوت القادر باللَّه.
وكان القادر- رحمه الله- طلق النفس [١] واسع المعروف معروفا بالعدل والزهد،
[١] فلعلها كانت: ظلف النفس، أي: كان يمنعها هواها، انظر: فقه اللغة للثعالبي (باريس ١٨٦١) ١٧٠.