العادة كأنهم ما أصيبوا. وجاء عميد الملك إلى ديوان الخليفة لتقرير الأمور وإقرار ما يختص بديوانه من البلاد وجرى في ذلك كلام طويل فقال عميد الملك: أمير المؤمنين قد ولّى ركن الدين من وراء بابه وركن الدين هو الّذي أعاد هذه الدولة بعد ما زالت وقد كان بجكم قرر للراضى باللَّه لنفقة داره في كل يوم خمس مائة دينار وكذلك توزون في أيام المتقى وكان الباقي يصرف إلى العسكر وأمير المؤمنين ليس له عسكر سوانا ولا حاجة به إلى أكثر من خمس مائة دينار في كل يوم. فقيل له:
هذا [٩٩ أ] لا يكفى، فقال: نجعلها ألفا، فقيل له: ولا يكفى فإن أمير المؤمنين يحتاج إلى تشريفات وخلع وصلات للملوك والأمراء والقضاة والأشراف وسائر طبقات الناس، وما زالوا به حتى قرر للخليفة كل يوم ألفى دينار، فقيل له: ويجب أن تقرر بذلك بلادا أو ضياعا يختارها الخليفة فاختاروا ما يكون ارتفاعه في كل سنة سبع مائة ألف دينار وعشرين ألف دينار وكتبوا بذلك السجلات وأشهدوا عليه الشهود.
واستدعى الخليفة أبا الفتح بن دارست «٥٨٢» من بلاد فارس واستوزره وفتحت الدواوين على العادة وعاد أمر الخلافة إلى أوفى ما كان عليه.
وأما قريش فذبح على فراشه «٥٨٣» في هذه السنة وهي سنة [إحدى وخمسين]«٥٨٤» وأربع مائة لا يدرى من ذبحه واستجاب الله تعالى فيه دعوة القائم بأمر الله.
وحين أسر القائم حمل ولد ولده، ذخيرة الدين إلى حرّان، وكان طفلا فاحتفظوا به هناك وراعوه وخدموه أوفى خدمة «٥٨٥» ، ثم لما عاد الخليفة إلى مستقر عزّه أعادوه إليه وبقي القائم بأمر الله تعالى إلى أن بلغ هذا الصبىّ مبلغ الرجال وصار ولىّ العهد وبقيت الخلافة إلى الآن في أعقابه.
ثم إن السلطان ركن الدين طغرلبك أراد أن ينحدر بنفسه إلى حلة نور الدين أبى الأغر دبيس بن مزيد الأسدي لطلب البساسيري فجاء إليه سرايا بن منيع وقال:
اعطونى ألفى فارس لأمضى إلى الكوفة وآخذ على البساسيري طريق الشام وأخاف إن أحسّ بحركتكم إليه هرب إلى الشام وقصد مصر وتقوّى بالعساكر ثم عاد إلى