وأما الراشد باللَّه فإنه قصد الموصل ونزل [في] دار الإمارة فأقام بها أياما ثم خرج منها وضرب مضاربه بالمغرفة «٦٩٨» تحت تلّ العقارب وسار منها بعد أيام إلى نصيبين وبعدها إلى سنجار وطلب من الأرتقية أن ينجدوه ونفذ إلى مسعود بن قلج أرسلان وإلى الملك محمد الدانشمند «٦٩٩» يطلب منهم المدد فلم ينجده أحد فعاد إلى الموصل وسار منها إلى أذربيجان ودخل مراغة وبقي بها أياما في تربة أبيه. وكان قد كاتب أتابك منكوبرس «٧٠٠» بفارس فجاء حتى وصل إلى حدود أذربيجان فلقيه السلطان مسعود فكسره وقدّمه فضرب عنقه واشتغل العسكر بالنهب وبقي السلطان مسعود في شر ذمة قليلة فخرج عليه بوزابه من الكمين وحمل عليه فانهزم وبلغت هزيمته إلى أرّجان وأسر كل أمير كان معه وقتل الكل بحيث ما استبقى منهم واحدا. وكان فيهم محمد بن أتابك قراسنقر وصدقة بن دبيس فحين قدّم محمدا ليضرب عنقه بكى وتذلّل له وسأله أن يهب له دمه فقال صدقة بن دبيس: يا مخنّث أتذل لهذا الكلب؟
فالتفت إليه بوزابه وقال له: اسكت يا مؤاجر فقال له دبيس: العرب لا يكون فيهم مؤاجر وإنما هذا شيء خصّ به الأتراك، فأمر بهما فقتلا جميعا «٧٠١» .
ثم نفذ إلى الخليفة يدعوه فسار الخليفة من مراغة ولقيه على باب همذان والتحق بهم خوارزم شاه وكل عسكر كان بالجبال [و] خوزستان وقصدوا أصفهان ونزلوا على بابها أياما وعوّلوا على قصد [١١٥ أ] بغداد وأراد الخليفة الّذي ببغداد وهو المقتفى لأمر الله- رضى الله عنه- أن يهرب إلى البطائح، واستدعى المظفر بن حمّاد أمير البطائح وأعدّ السفن تحت الدار ينتظر هجومهم عليه حتى يهرب.
ثم إن الراشد باللَّه ركب على باب أصفهان ليتنزّه في ثلاثين ألف فارس وذلك في شهر رمضان سنة إحدى وثلاثين وخمس مائة وعاد ولما دخل السرادق وانصرف كل واحد من العسكر إلى مضاربه وثب عليه جماعة كانوا في ركابه وعلوه بالسيوف ووقعت الصيحة في العسكر وتفرّقوا أيدي سبإ، فأما دواد فعاد إلى عمه وطلب منه الصّلح وتصالحا وأقطعه عمه أذربيجان وسار إليها. وأما بوزابه فعاد إلى بلاد