للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبيّن أيضا أنه لا يحتج بالحديث الغريب، حتى ولو كان من رواية مالك ويحيى بن سعيد - وهما من كبار الحفاظ كما هو معلوم -، وهذا الكلام قد يستشكله كثير ممن تأخر؛ لأنه لا يفهمه، وسبب ذلك أنه لم يدرس طريقة الأئمة السابقين، فعند الرجوع إلى ابن رجب في شرحه على "العلل الصغير" يتضح للناظر أهمية ذلك من الناحية النظرية.

وأما من الناحية العملية، فعند الرجوع إلى كلام الحفاظ في الحكم على الأحاديث، وخاصة كتب العلل، يتبين له هذا الأمر إن شاء الله.

وأذكر هنا بعض ما يتعلق بهذا عن الأئمة:

قال نعيم بن حماد: (سمعت عبد الرحمن بن مهدي يقول: قيل لشعبة: من الذي يترك حديثه؟ قال: إذا روى عن المعروفين ما لا يعرفه المعروفون، فأَكثَرَ، تُرك حديثه) (١).

وقال عمرو بن خالد: (سمعت زهير بن معاوية يقول لعيسى بن يونس: ينبغي للرجل أن يتوقّى رواية غريب الحديث؛ فإني أعرف رجلا كان يصلي في اليوم مائتي ركعة، ما أفسده عند الناس إلا رواية غريب الحديث) (٢).

وعن حماد بن زيد: (أن أيوب قال لرجل: لزمت عمرًا؟ قال: نعم، إنه يجيئنا بأشياء غرائب. قال: يقول له أيوب: إنما نفر - أو نفرق - من تلك الغرائب) (٣).

وقال صالح بن محمد عن عبد الرحمن بن أبي الزِّناد: (روى عن أبيه


(١) (معرفة علوم الحديث) للحاكم (١١٠)، (الكفاية) للخطيب (٤٠١، ٤١٢).
(٢) (المحدث الفاصل) للرامهرمزي (٧٦٨)، (الكفاية) (٤٠٣).
(٣) (مقدمة صحيح مسلم) ص: (١٧ - ١٨) باختصار.

<<  <  ج: ص:  >  >>