للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الفصل الثامن في منهج المؤلف في التمييز بين الصحيح والمعلول]

عِلْمُ العِلَل من أهم علوم الحديث، وقد خصَّ الله ﷿ هذه الأمة عن سائر الأمم بهذا العلم؛ لأنه فرعٌ من علم الإسناد الذي هو من خصائص هذه الأمة.

ولقد بين علماء الحديث مكانة هذا العلم وأهميته، ومن ذلك:

قال عبدالرحمن بن مهدي: (لأن أعرف علةَ حديثٍ هو عندي أحبُ إليَّ من أن أكتب عشرين حديثًا ليس عندي) (١).

وقال الحاكم: (وإنما يعلَّل الحديث من أوجه ليس للجرح فيها مدخل، فإن حديث المجروح ساقط واه، وعلة الحديث يكثر في أحاديث الثقات أن يحدثوا بحديث له علة، فيخفى عليهم علمه، فيصير الحديث معلولا، والحجة فيه عندنا الحفظ، والفهم، والمعرفة لا غير، وقال عبد الرحمن بن مهدي: معرفة الحديث إلهام، فلو قلت للعالم يعلل الحديث: من أين قلت هذا؟ لم يكن له حجة) (٢).

وعقد الخطيب فصلا (في أن المعرفة بالحديث ليست تلقينا وإنما هو علم يحدثه الله في القلب) قال فيه: (أشبه الأشياء بعلم الحديث، معرفة الصرف ونقد الدنانير والدراهم، فإنه لا يعرف جودة الدينار والدراهم بلون، ولا مس، ولا طراوة، ولا دنس، ولا نقش، ولا صفة تعود إلى صغر أو


(١) "معرفة علوم الحديث" للحاكم (ص: ١١٢).
(٢) "معرفة علوم الحديث" (ص: ٣٧٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>