للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مخالفة المتأخرين في مسألة الغرابة وأنها ليست بعلة]

خالف في ذلك جمع من أهل العلم فلم يلتفتوا إلى مسألة الغرابة (١): من أشهرهم أبو عبد الله الحاكم، فقال في "المستدرك": (وهذا شرط الصحيح عند كافة فقهاء أهل الإسلام؛ أن الزيادة في الأسانيد والمتون من الثقات مقبولة) (٢).

وقال أيضا: (وإذا تفرد الثقة بحديث؛ فهو على أصلهم صحيح) (٣).

وقد قرر هذا في مواضع أخرى من الكتاب.

ومنهم أبو محمد بن حزم، فإنه قال: (إذا روى العدل عن مثله كذلك خبرا حتى يبلغ به النبي ، فقد وجب الأخذ به، ولزمت طاعته والقطع به، سواء أرسله غيره أو أوقفه سواه، أو رواه كذاب من الناس، وسواء روي من طريق أخرى أو لم يرو إلا من تلك الطريق، وسواء كان ناقله عبدا أو امرأة أو لم يكن، إنما الشرط العدالة والتفقّه فقط.

وإن العجب ليكثر من قوم من المدّعين أنهم قائلون بخبر الواحد، ثم يعلِّلون ما خالف مذاهبهم من الأحاديث الصحاح، بأن يقولوا: هذا لم يروه إلا فلان، ولم يعرف له مخرج من غير هذا الطريق.

قال أبو محمد: وهذا جهل شديد وسقوط مفرط، لأنهم قد اتفقوا معنا على وجوب قبول خبر الواحد والأخذ به، ثم هم دأبا يتعللون في ترك السنة بأنه خبر وأحد.


(١) ينظر ما يأتي: فصل في مذاهب الأئمة من المحدثين والفقهاء في الغرابة والتفرد على وجه الخصوص.
(٢) (١/ ١٦٥).
(٣) (٦/ ٥٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>