للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الثالث من أوجه الترجيح: أن يأتي عن الراوي نفي لما روي عنه]

ومن الأمثلة على ذلك:

قال في باب ما جاء في إيجاب القضاء عليه: (حدثنا أحمد بن منيع، قال: حدثنا كثير بن هشام، قال: حدثنا جعفر بن برقان، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة قالت: كنت أنا وحفصة صائمتين، فعرض لنا طعام اشتهيناه فأكلنا منه، فجاء رسول الله ، فبدرتني إليه حفصة، وكانت ابنة أبيها، فقالت: يا رسول الله، إنا كنا صائمتين، فعرض لنا طعام اشتهيناه فأكلنا منه، قال: "اقضيا يوما آخر مكانه".

قال أبو عيسى: وروى صالح بن أبي الأخضر ومحمد بن أبي حفصة هذا الحديث، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة مثل هذا.

وروى مالك بن أنس ومعمر وعبيد الله بن عمر وزياد بن سعد وغير واحد من الحفاظ، عن الزهري، عن عائشة مرسلا، ولم يذكروا فيه: عن عروة، وهذا أصح؛ لأنَّه روي عن ابن جريج قال: سألت الزهري فقلت له: أحدّثك عروة عن عائشة؟ قال: لم أسمع من عروة في هذا شيئا، ولكني سمعت في خلافة سليمان بن عبد الملك من أناس، عن بعض من سأل عائشة عن هذا الحديث) (١).

قلت: نفي الزهري أن يكون سمع هذا الحديث من عروة؛ قرينةٌ ظاهرةٌ ودليلٌ أكيدٌ على تعليل رواية من روى عنه، عن عروة، عن عائشة، وهذا ما ذهب إليه أبو عيسى.

الرابع: الترجيح بمجيء الحديث من وجه آخر موافقٍ له، وهذا أمر متفق عليه بين أهل الحديث.


(١) (٢/ ١١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>