للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[النوع الثاني أن يستعمل "الصحيح" بمعنى "حسن صحيح"، ومغايرته بين العبارات من باب التفنن]

تقدم أن أبا عيسى قد تفنن في أحكامه على الأحاديث بعبارات شتّى، حتى إن هذه العبارات قد تصل إلى نحو المائتين، كما عدّها بعض الباحثين، والكثير منها يرجع إلى معانٍ متقاربة، وإنما يتفنن في التعبير بها، لذا كل المصطلحات الحديثية موجودة في كتابه.

وهذه سمة عند المتقدمين، فتجد أنهم لا يتقيدون بـ "صحيح" فقط، أو "حسن" فقط، أو "ضعيف" فقط، بل يعبرون بعبارات كثيرة، وهذا مرجعه إلى أمرين:

الأول: باب التفنن.

والثاني: درجة الحديث، إذ لا يخفى أن الصحيح درجات، فهناك الصحيح وهناك الأصح، وبينهما درجات كثيرة، فهناك المسلسل بالحفاظ، وهناك الذي رجاله ثقات حسب، وما جاء من وجه واحد، وما جاء من أوجه متعددة، وهناك المشهور، والغريب، فيعطون كلَّ حكمٍ ما يناسبه.

ودليل ذلك -مثلًا- النظر إلى أحكام علي بن المديني على الأحاديث، وسوف أذكر أمثلة منها حتى يتبين لك ذلك:

١ - روى علي بن المديني عن حسين بن علي الجُعفي، عن زائدة، عن عاصم -وهو ابن كليب-، عن أبيه، عن ابن عباس، قال: قال عمر : قال رسول الله : "من كان منكم ملتمسًا ليلة القدر فليلتمسها في العشر الأواخر وترًا".

قال علي: (هو حديث صالح، ليس مما يسقط، وليس مما يحتجُّ به،

<<  <  ج: ص:  >  >>