للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عمران (١) نيفا وسبعين حديثا، ذكر أنه لم يشركه فيها أحد، ورُفض المَعْمَري ومجلسه، فصار الناس حزبين: حزب للمَعْمَري، وحزب لأبي عمران، فكان من احتجاج المَعْمَري في تلك الأحاديث: أن هذه أحاديث حفظتها عن الشيوخ وقت سماعي ولم أنسخها.

ثم اتفقوا بأجمعهم على عدالة المَعْمَري وتقدُّمه، وعلى زيادة معرفة أبي عمران، وأنه لما رأى أحاديث شاذة لم يسَعه إلا أن يبينها ويبحث عنها) (٢).

أقول: تبين مما تقدم أن تفرّد الراوي عن غيره مظنة الخطأ، حتى ولو كان حافظا؛ وذلك لاشتهار الأحاديث، وكثرة طرقها، وبالتالي وقوع ذلك - وهو التفرد - من الصعوبة بمكان.

وأُقرّب هذا الأمر - زيادة على ما تقدم -: لو أن شخصًا كان له أصحاب كُثر يلازمونه ويأخذون عنه، وينفرد شخص - ليس معروفا بملازمته مثلهم - بخبر عنه أو بفتوى له، لاستُنكر ذلك عليه؛ لأنه يقال: أين تلاميذه الملازمون له عن هذا الخبر؛ بل حتى لو تفرد واحد من أصحابه الملازمين له، لربما تُوقف في خبره ولتُردد في قبوله، لأن التفرد مظنة الخطأ، فكيف لو كان لا يُعرف بالرواية عنه أصلا (٣).


(١) هو موسى بن هارون.
(٢) "تاريخ دمشق" (١٣/ ١٥٧ - ١٥٩)، "سير أعلام النبلاء" (١٣/ ٥١١)، "لسان الميزان" (٣/ ٧٣).
(٣) يلاحظ أن هذا المثال تتضمن ثلاثة أمور؛
١ - أن يتفرد شخص ليس معروفا بالرواية أصلا عمن تفرد عه.
٢ - أن يتفرد شخص معروف بالرواية عمن تفرد عنه، ولكن ليس معروفا عنه الإكثار عمن تفرد عنه ولا كثرة الملازمة له.
٣ - أن يكون المتفرد معروفا بكثرة الملازمة.

<<  <  ج: ص:  >  >>