للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشرط الرابع: مراعاة الصفات التي تعتبر في الراوي حتى يقبل تفرده.

فمن المتقرر في (علم الجرح والتعديل) أنه ليس كل راو يُقبل تفرّده، ولذا فكثيرا ما يحكمون على الراوي بأنه منكر الحديث، وذلك لتفرده بما يُستنكر إسنادًا أو متنًا، وقريبًا منه قولهم: لا يتابَع، ومعنى ذلك: أنه لا يقبَل تفرده.

ويتفرّع عن هذا حكم الأئمة على راوٍ بالضعف بسبب كثرة تفرداته؛ فيقال عنه: مخكر الحديث، مع ملاحظة أن أسباب الضعف كثيرة، ولكن على رأسها ما تقدم.

وكقولهم: يغرب، أو يتفرد، وإن كانت هاتان العبارتان ليستا كالأوليين (١)، وذلك أنهم كثيرًا ما يقرنونها بنحو: صالح الحديث، لا بأس به، أو فوق ذلك - كما سيأتي إن شاء اللّه في الفصل الآتي -، فتكون مُشعِرة بأن هذا الراوي قد يُتوقف فيما يتفرد به؛ بل بما يرويه في الجملة، وتوضيح ذلك في الفصل الآتي (٢).

والأمر كما قال ابن رجب: (وأما أكثر الحفاظ المتقدمين، فإنهم يقولون في الحديث إذا تفرد به واحد، وإن لم يروِ الثقات خلافه: إنه لا يتابع عليه، وجعلون ذلك علة فيه، اللهم إلا أن يكون ممن كثر حفظه، واشتهرت عدالته وحديثه، كالزهري ونحوه، وربما يستنكرون بعض تفردات الثقات الكبار أيضًا، ولهم في كل حديث نقدٌ خاص، وليس عندهم لذلك ضابط يضبطه) (٣).


(١) أي: منكر الحديث، ولا يتابع.
(٢) فصل في منهج النقاد في التعامل مع الرواة الذين ينفردون ببعض المتون والأسانيد عن شيوخهم وأقرانهم.
(٣) "شرح علل الترمذي" (١/ ٣٥٢ - ٣٥٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>