ثم قال عبد الفتاح أبو غدة (ص ٨٨): (وبهذا العنوان الواضح الصريح الذي رأيناه، تتبين معالم كتاب الإمام الترمذي رحمه الله تعالى، وتتبين أيضًا دقة مداركه ومقاصده الحديثية والفقهية، في تأليفه الكتاب على هذا الوجه الذي رسمه وربط فيه بين جوانبه وأحاديثه.
فهو قد قصد أن يدون فيه الصحيح والمعلول -أي: الضعيف- قصدا أساسيا، وأصدر الحكم من الجمع بينهما في كثير من الأبواب، وقصد أن يذكر فيه أيضًا: ما عليه العمل، إكمالا للفائدة، فإن هذا الجانب قد يبدو أنه فقهي، والحق أنه فقهي وحديثي أيضًا، لأن العمل بالحديث عند العامل به من ذوي العلم محدثا كان أو فقيها: دليل على صحته عنده، ما لم يكن ضعيفا ويرى العمل به في فضائل الأعمال، كما هو مقرر في موضعه من كتب الأصول والفقه والمصطلح، أو قام لديه ما يدعوه إلى الأخذ به.
فكتاب "الجامع" للإمام الترمذي كتاب فذ في بابه، وقد تتابعت وكثرت كلمات الثناء عليه من كبار الأئمة المحدثين والنقاد، من أجل كثرة مزاياه وفوائده وعلومه الحديثية) ا. هـ كلام عبدالفتاح أبو غدة.