للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال ابن العربي: (ذكر القاضي ابن المنتاب أن مالكا روى مائة ألف حديث، جمع منها في موطئه عشرة آلاف، ثم لم يزل يعرضها على الكتاب والسنة ويختبرها بالاعتبار والآثار حتى عادت إلى خمسمائة) (١).

قلت: وهذا فيه نظر، قال البخاري عن ابن المديني: له - أي: مالك - نحو ألف حديث (٢). يعني بذلك: الأحاديث المرفوعة دون الآثار، والآثار نحو ذلك، فما نقل عن ابن المنتاب لا شك أنه غير صحيح، وقد يكون وقع في هذا النقل خطأ أو تصحيف.

وإنما ذكرت "الموطأ" دون غيره؛ لأن الاختلاف فيه أكثر بكثير من غيره، وبدراسة هذا الاختلاف يتبين أنه ليس بمؤثر، لأن مؤلف أي كتاب له الحق أن يزيد بعض الأشياء كأحاديث أو تبويبات أو غيرها، أو يحذف بعض ما ذكره، كما أن بعض الزيادات مرجعها إلى تلاميذ المؤلف، فبعض التلاميذ يعتني بأقوال شيخه في حكمه على الحديث - كما في رواية ابن العبد لسنن أبي داود - أو أقواله الفقهية - كما في رواية أبي مصعب الزهري (٣) فيضمها إلى الكتاب.

وأما الاختلاف بين متون الأحاديث وألفاظها فهذه لا تكاد توجد، فالألفاظ واحدة، وإذا أردت أن تتأكد من ذلك فانظر إلى النسخة اليونينية لصحيح البخاري فإنه قد بذل جهدا كبيرا في استقصاء الاختلافات بين


= ٩ - ثم امتازت رواية أبي مصعب بأن تضمنت ثمانية وستين قولا لمالك لم ترد في رواية يحيى بن يحيى المصمودي).
(١) "القبس في شرح الموطأ" (١/ ٣٣٢).
(٢) "تهذيب الكمال" (٢٧/ ١١٠).
(٣) سبق في كلام بشار عواد أن في رواية أبي مصعب ثمانية وستين قولا لمالك لم ترد في رواية يحيى بن يحيى المصمودي.
قلت: وقد يكون هناك في رواية يحيى بن يحيى زيادات لم يذكرها أبو مصعب.

<<  <  ج: ص:  >  >>