الصلوات لله، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله".
قال الشافعي: فكان هذا الذي علمنا من سبقنا بالعلم من فقهائنا صغارا، ثم سمعناه بإسناد وسمعنا ما خالفه، فلم نسمع إسنادا في التشهد - يخالفه ولا يوافقه - أثبت عندنا منه، وإن كان غيره ثابتا.
فكان الذي نذهب إليه أن عمر لا يعلم الناس على المنبر بين ظهراني أصحاب رسول الله إلا على ما علمهم النبي ﷺ.
فلما انتهى إلينا من حديث أصحابنا حديث يثبته عن النبي صرنا إليه، وكان أولى بنا.
قال: وما هو؟ قلت: أخبرنا الثقة - وهو حي بن حسان - عن الليث بن سعد، عن أبي الزبير المكي، عن سعيد بن جبير وطاوس، عن ابن عباس أنه قال: كان رسول الله يعلمنا التشهد كما يعلمنا القرآن، فكان يقول: "التحيات المباركات الصلوات الطيبات لله، سلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، سلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله".
قال الشافعي: فقال: فأنَّى ترى الرواية اختلفت فيه عن النبي؟ فروى ابن مسعود خلاف هذا، وروى أبو موسى خلاف هذا، وجابر خلاف هذا، وكلها قد يخالف بعضها بعضا في شيء من لفظه، ثم علم عمر خلاف هذا كله في بعض لفظه، وكذلك تشهّد عائشة، وكذلك تشهّد ابن عمر، ليس فيها شئ إلا في لفظه شئ غير ما في لفظ صاحبه، وقد يزيد بعضها الشيء على بعض؟