حد يصعب حصره في التعليق على أية رواية من هذه الروايات، وقد جربنا ذلك مثلًا بين رواية يحيى المصمودي ورواية أبي مصعب الزهري، أو محاولة إثبات الخلاف في ألفاظ الحديث بين رواة الحديث عند مالك، فوجدنا أن الأمر يحتاج إلى تسويد مئات الصفحات من الحواشي لتوضيح هذه الاختلافات".
وأقول: بأنه من جانب آخر يَنقل عن الإمام مالك تلامذته قوله: "كل حديث للنبي ﷺ يؤدى على لفظه، وعلى ما روي، وما كان عن غيره فلا بأس إذا أصاب المعنى".
ونقل معن عن الإمام مالك قوله: "أما حديث رسول الله ﷺ فأدّه كما سمعته، وأما غير ذلك فلا بأس بالمعنى".
حتى قال معن: "كان مالك يتقي في حديث رسول الله ﷺ الياء والتاء ونحوهما". وروى عنه ابن عمير مثله.
ولحسم هذا الاختلاف أجريت هذه الدراسة التي يضمنها هذا الملحق، بين رواية يحيى بن يحيى الليثي وأبي مصعب الزهري، لمعرفة مقدار الاتفاق والاختلاف بين روايتيهما علمًا بأن كلتا الروايتين مأخوذتان من المخطوطات المتأخرة، وليستا أصول يحيى الليثي أو أبي مصعب الزهري. وبمرور الزمن يحصل الاختلاف في النسخ جراء أخطاء النساخ. والدليل على ذلك أن يحيى الليثي لم يسمع الموطأ من الإمام مالك إلا مرة واحدة، وقد فاته بعض الأبواب، وعلى هذا فإنه لا يمكن أن أصله كان يشتمل على كل هذه الاختلافات التي نجدها في موطأ يحيى بين رواية عبيد الله، وابن وضاح، وابن فطيس، والوقشي، وتوزري وآخرين، إذن هذه الاختلافات مصدرها الرواة المتأخرون، والنساخ، وليست من أصل رواية الإمام مالك.