للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومع ذلك فهؤلاء الحفاظ -أعني: البزار، والطبراني، وابن عدي، والدارقطني، وأبا نعيم- لم يتفننوا كما فعل أبو عيسى في بيان أنواع الغريب، والجمع بين الصحة والغرابة، والتحسين مع الغرابة، أو الغرابة فقط كما تقدم، وإنما في الغالب يقولون: هذا الحديث لم يروه إلا فلان، أو تفرد به فلان، ونحو ذلك.

ويلاحظ أن هذه التقسيمات للحديث الغريب لم تذكر في كتب المصطلح حتى الموسعة منها، نعم قال ابن طاهر المقدسي في مقدمة كتابه "أطراف الغرائب والأفراد" (١): (اعلم أن الغرائب والأفراد على خمسة أنواع … ) ثم ذكرها، ولكنْ أبو عيسى قد سبقه إلى تقسيم الغرائب وتنويعها، ولعل ابن طاهر استفاد فيما ذكره من الترمذي، مع ملاحظة أن ابن طاهر اقتصر على نقل كلام الدارقطني في بيان الغرابة والتفرد الواقع في هذه الأحاديث.

مع أن كتاب أبي عيسى لم يختص بهذه المسألة فقط، ومثل ذلك بيانه للحديث الحسن وتنويعه له إلى أنواع متعددة، منها: ما اشتهر به من قوله: (حسن صحيح)، و (حسن صحيح غريب)، و (حسن) فقط، و (حسن غريب)، وأحيانا يقول: (صحيح حسن غريب)، أو (غريب حسن)، أو (حسن غريب صحيح)، أو (غريب حسن صحيح).

وسيأتي أن أنواع الحسن عنده يمكن أن تقسم إلى ثمانية أقسام، وهذا الذي لم يقرنه مع الصحيح، فتبين أن الحسن أنواعه كثيرة عند أبي عيسى، وهذا مما يشهد على تفننه، وما قيل في "الحسن" يقال في "الصحيح" أيضًا، سواء بسواء، فهو أيضًا أنواعه كثيرة عنده، هذا مع بيان علل الأحاديث


(١) (١/ ٢٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>